للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معناها من الآيات المؤكدة لها، ولا مخصص لعمومها، وما يريدُ الله نسخه أو تخصيصه، لا يجعله بصيغة الحصر المؤكدة، كل هذا التأكيد الذي نشرحه بعد. ولكن ورد في الأحاديث تحريم الحمر الأهلية، وكل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير الجوارح، وغير ذلك مما يأتي. ولذلك اختلفت أقوال مفسري السلف والخلف في الآية.

ثم يورد ملخص المأثور فيها من الدر المنثور للسيوطي، وأقوال العلماء ويعقب على ذلك كله، فيرى أن تحريم لحوم الحمر الأهلية، إما كان عرضًا ويتكلف لذلك في الجمع بين أحد الأحاديث الصحيحة -وهو الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: (أصبنا من لحوم الحمر، يعني يوم خيبر، فنادى منادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر فإنها رجس أو نجس) (١) وحديثين ضعيفين هما:

١ - أخرج أبو داود عن غالب بن أبجر قال: أصابتنا سنة، فلم يكن في مالي شيء أطعم أهلي إلا سمان حمر، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حرم لحوم الحمر الأهلية، فأتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله أصابتنا السنة، ولم يكن في مالي ما أطعم أهلي إلا سمان الحمر، وإنك حرمت لحوم الحمر الأهلية فقال: أطعم أهلك من سمين حمرك، فإنما حرمتها من أجل جوال القرية -يعني الجلالة-) (٢).

٢ - أخرج الطبراني عن أم نصر المحاربية أن رجلًا سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الحمر الأهلية فقال: أليس ترعى الكلأ وتأكل الشجر، فقال: نعم، فقال: فأصب من لحومها. يقول: حديث أنس شاهد يقوي حديث غالب بن أبجر لأنه بمعناه ولا معارض له، فيجعل شاذًا بمخالفته إياه، فلا يضره اضطراب سنده، إذا مع


(١) صحيح البخاري باب لحوم الحمر الإنسية رقم ٢٨، رقم الحديث (٥٢٠٨).
(٢) سنن أبي داود، كتاب الأطعمة، باب في أكل لحوم الحمر الأهلية حديث (٣٨٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>