للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأكوع، وعبد الله بن عمر، والبراء بن عازب، وعبد الله بن أبي أوفى، وأنس، وأبي ثعلبة الخشني رضي الله عنهم، وأحاديثهم دالة دلالة صريحة على التحريم، فلفظ حديث أبي ثعلبة عند البخاري، ومسلم (١): (حَرَّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحوم الحمر الأهلية)، وهذا صريح صراحة تامّة في التحريم، ولفظ حديث أنس عندهما أيضًا: (إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية، فإنها رجس)، في رواية لمسلم: (فإنها رجس من عمل الشيطان)، وفي رواية له أيضًا: (فإنها رجس) أو (نجس).

قال مقيده عفا الله عنه: حديث أنس هذا المتفق عليه الذي صَرح فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن لحوم الحمر الأهلية رجس، صريح في تحريم أكلها، ونجاسة لحمها، وأن علة تحريمها ليست لأنها لم يخرج خمسها، ولا أنها حمولة كما زعمه بعض أهل العلم، والله تعالى أعلم.

ولا تعارض هذه الأحاديث الصحيحة المتفق عليها بما رواه أبو داود من حديث غالب بن أبجر المزني رضي الله عنه، قال: (أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقلت: يا رسول الله، أصابتنا السنة ولم يكن في مالي ما أطعم أهلي إلا سمان حمر، وإنك حرّمت الحمر الأهلية، فقال: أطعم أهلك من سمين حمرك، فإنما حرمتها من أجل جوال القرية) أ. هـ.

والجوال: جمع جالة، وهي التي تأكل الجلة، وهي في الأصل البعر، والمراد به هنا أكل النجاسات كالعذرة.

قال النووي في (شرح المهذب): اتفق الحفاظ على تضعيف هذا الحديث.

قال الخطابي والبيهقي: "هو حديث يختلف في إسناده". يعنون مضطربًا، وما كان كذلك لا تعارض به الأحاديث المتفق عليها.

وأما البغال فلا يجوز أكلها أيضًا لما رواه أحمد والترمذي من حديث جابر، قال: (حرّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يعني يوم خيبر، لحوم الحمر الإنسية، ولحوم البغال،


(١) صحيح مسلم كتاب الصيد والذبائح باب تحريم أكل لحم الحمر الإنسية، رقم الحديث (١٩٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>