أن الحق جواز نسخ المتواتر بالسنة الصحيحة الثابت تأخرها عنه، وإن منعه أكثر أهل الأصول.
وإذا عرفت ذلك: فسنفصل لك إن شاء الله تعالى المحرمات التي حرمت بعد هذا، وأقوال العلماء فيها.
فمن ذلك كل ذي ناب من السباع، فالتحقيق تحريمه لما قدّمنا من حديث أبي هريرة، وأبي ثعلبة الخشني من النهي عنها، وتحريمها، أما حديث أبي ثعلبة، فمتفق عليه، وأما حديث أبي هريرة، فقد أخرجه مسلم في (صحيحه) عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، بلفظ:(كل ذي ناب من السباع، فأكله حرام).
والأحاديث في الباب كثيرة، وبه تعلم أن التحقيق هو تحريم أكل كل ذي ناب من السباع.
والتحقيق أن أكل كل ذي مخلب من الطير منهي عنه، ولا عبرة بقول من قال من المالكية وغيرهم: إنه لم يثبت النهي عنه، عنه -صلى الله عليه وسلم-، لما ثبت في (صحيح مسلم) من حديث ابن عباس، أنه -صلى الله عليه وسلم-: (نهى عن كل ذي ناب من السباع، وذي مخلب من الطير) أ. هـ.
فقرن في الصحيح بما صرح بأنه حرام مع أن كلًّا منهما ذو عداء وافتراس، فدل كل ذلك على أنه منهي عنه.
والأصل في النهي التحريم، وبتحريم ذي الناب من السباع، وذي المخلب من الطير. قال جمهور العلماء، منهم الأئمة الثلاثة وداود.
وقد قدّمنا أنه الصحيح عن مالك في السباع، وأن مشهور مذهبه الكراهة، وعنه قول بالجواز وهو أضعفها، والحق التحريم لما ذكرنا.
ومن ذلك الحمر الأهلية، فالتحقيق أيضًا أنها حرام، وتحريمها لا ينبغي أن يشكّ فيه منصف لكثرة الأحاديث الصحيحة الواردة بتحريمها، وقد روى البخاري ومسلم تحريمها من حديث علي بن أبي طالب، وجابر بن عبد الله، وسلمة بن