للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي هريرة الرواية بالمعنى والإرسال، لأن الكثير منها قد سمعه من الصحابة، وكذا من بعض التابعين، لا من النبي -صلى الله عليه وسلم- ولهذا تكثر فيه العنعنة.

وأخيرًا أنقل هنا كلمة الشيخ الشنقيطي المالكي في أضواء البيان. قال بعد كلام طويل تستحسن قراءته، ولن ننقله خشية الإطالة:

قال مقيده عفا الله عنه: الذي يظهر رجحانه بالدليل هو ما ذهب إليه الجمهور من أن كل ما ثبت تحريمه بطريق صحيحة من كتاب أو سنة فهو حرام، ويزاد على الأربعة المذكورة في الآيات، ولا يكون في ذلك أي مناقضة للقرآن لأن المحرمات المزيدة عليها حرمت بعدها.

وقد قرّر العلماء: أنه لا تناقض يثبت بين القضيتين إذا اختلف زمنهما لاحتمال صدق كل منهما في وقتها، وقد اشترط عامة النظار في التناقض: اتحاد الزمان لأنه إن اختلف جاز صدق كل منهما في وقتها، كما لو قلت: لم يستقبل بيت المقدس، قد استقبل بيت المقدس، وعنيت بالأولى ما بعد النسخ، وبالثانية ما قبله، فكلتاهما تكون صادقة، وقد أشرت في أرجوزتي في فن المنطق إلى أنه يشترط في تناقض القضيتين اتحادهما فيما سوى الكيف، أعني الإيجاب والسلب، من زمان ومكان، وشرط وإضافة، وقوة وفعل، وتحصيل وعدول، وموضوع ومحمول، وجزء وكل، بقولي:

والاتحاد لازم بينهما ... فيما سوى الكيف كشرط علما

والجزء والكل مع المكان ... والفعل والقوة والزمان

إضافة تحصيل أو عدول ... ووحدة الموضوع والمحمول

فوقت نزول الآيات المذكورة لم يكن حرامًا غير الأربعة المذكورة، فحصرها صادق قبل تحريم غيرها بلا شك، فإذا طرأ تحريم شيء آخر بأمر جديد فذلك لا ينافي الحصر الأول لتجدده بعده، وهذا هو التحقيق إن شاء الله تعالى، وبه يتضح

<<  <  ج: ص:  >  >>