الدار، وجميع ما تقدم يمكن أن يكون حاصلًا في بقية الحيوانات غير الإنسان في جميع تفصيله).
ثم ضرب للماديين الأمثال المقربة لذلك بأنواع جنة الأحياء الخفية (الميكروبات) وحياتها في الماء وغيره، على كثرتها، بنظام غريب، ودخول المرضية منها في أجساد المرضى وسريانها في دورة الدم، وبالحيوانات المنوية منها في المني الذي ينفصل من الأنثيين ويلقح بذور الأنثى -وقال بعد تلخيص ما قالوه في صفتها وقدرها وحركتها - فأي مانع أن تلك الحيوانات المنوية جعلها الخالق تعالى تحمل ذرات بني آدم التي هي أصغر منها، وتسير بها في السائل المنوي حتى تلقيها في البزور المنفصلة من مبيض الأم؟ ... ثم علل بهذا كون الإنسان ينتقل من الأب إلى الأم خلافًا لقولهم: إن الإنسان من بزرة أمه وليس لأبيه منه إلا مجرد التلقيح.
ثم ذكر عمل القلب وتعليلهم لحركته المنتظمة، واستظهر أنه هو مركز الذرة الإنسانية، وأنها بحلول الروح فيها تتحرك تلك الحركة المنتظمة التي تنشأ عنها دورة الدم، وبعد إيضاح ذلك قال:
(وخلاصة ما تقدم: أن الإنسان الحقيقي على هذا التقرير هو الذرة التي تحل في القلب، وتحل فيها الروح، فتكسبها الحياة، وتسري الحياة إلى الهيكل، ثم الهيكل إنما هو آلة لقضاء أعمال تلك الذرة في هذا الكون ولاكتساب معارفها بسببه، وتلك الذرة مع الروح الحالة فيها هي المخاطب بالتكليف والمعاد والمنعم والمعذب - إلى آخر ما ورد في حق الإنسان.
(وعلى هذا التقرير نجد أن الشبه التي وردت على ما جاء في الشريعة المحمدية من البعث وسؤال القبر ونعيمه وعذابه وحياة بعض البشر في قبورهم ونحو ذلك سقطت برمتها كما يظهر بالتأمل الصادق والله أعلم).
ثم أورد على هذا أن بعض النصوص صريحة في إعادة الهيكل الإنساني أو بعضه كالعظام -كما تقدم مثله عن السعد- وأجاب بأن هذه النصوص وردت لدفع