للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحديث سحر النبي عليه وآله الصلاة والسلام (١)، ورده ما يورد الشيخ من سبب نزول للآية {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ٢٨]، حيث جعل الإمام سبب نزولها، قصة حاطب بن أبي بلتعة -رضي الله عنه- (٢).

ومع أن رشيدًا كان مع الشيخ غاية في الأدب واللطف، إلا أن هذا لم يحل بينه وبين النقد المر في بعض الأحيان، يقول معلقًا على تفسير الشيخ رحمه الله (٣): (ما نقلناه عن شيخنا في معنى الرحمة، تبع فيه متكلمي الأشاعرة والمعتزلة ومفسيريهم .. كالزمخشري والبيضاوي ذهولًا، وحاصلُه أن الرحمة ليست من صفات الذات، أو صفات المعاني القائمة بذاته تعالى، لاستحالة معناها اللغوي عليه، فيجب تأويلها بما يلازمها وهو الإحسان، فتكون من صفات الأفعال كالخالق والرازق. وقال بعضهم يمكن تأويلها بإرادة الإحسان فترجع إلى صفة الإرادة، فلا تكون صفة مستقلة، وهذا القول من فلسفة المتكلمين الباطلة المخالفة لهدي السلف الصالح، والتحقيق أن صفة الرحمة كصفة العلم والإرادة والقدرة، وسائر ما يسميه الأشاعرة صفات المعاني، ويقولون إنها صفات قائمة بذاته تعالى خلافًا للمعتزلة، فإن معاني هذه الصفات كلها بحسب مدلولها اللغوي واستعمالها في البشر، محال على الله تعالى).

كما يقول عند تفسير الشيخ لقصة خلق آدم: (إنه قد ترك هذه المسألة مبهمة مظلمة).

وعلى الرغم مما بين الرجلين من صلة فكر، وتشابه منهج، إلا أن الإنسان يدرك دون إعياء وهو يقرأ ما كتبه كل منهما، أن الأستاذ الإمام، كان أكثر تأثرًا بالفلسفة، وأكثر التزامًا بالمنهج العقلي، كما كان الشيخ رشيد أشد تأثرًا بمذهب


(١) المنار- تفسير الفاتحة وست سور/ للسيد رشيد رضا.
(٢) تفسير المنار جـ ٣ ص.
(٣) تفسير المنار جـ ١ ص ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>