للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرس في مدة بضع سنين ... وقد صح أن انتصار الروم حصل سنة ٦٢٢ م، وكان وحي التبليغ للنبي - صلى الله عليه وسلم - سنة ٦١٤ م، فإذا فرضنا أن سورة الروم نزلت في هذه السنة، يكون النصر قد حصل بعد ثماني سنوات، وإن كان في السنة الثانية تكون المدة سبع سنين، وهو المعتمد في التفسير).

٣ - ويرد زعم الذين يدعون أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أخذ عن علماء النصارى في الشام بقوله (١): (لو كان النبي -صلى الله عليه وسلم-، تلقى عن علماء النصارى في الشام شيئًا، أو عاشرهم، لنقل ذلك أتباعه الذين لم يتركوا شيئًا علم عنه أو قيل فيه ولو لم يثبت، إلا ودونوه ووكلوا أمر صحته أو عدمها إلى إسناده، ولو وقع ما ذكر لاتخذه أعداؤه من كبار المشركين شبهة يحتجون بها على أن ما يدعيه من الوحي قد تعلمه في الشام من النصارى، فإنهم كانوا يوردون عليه ما هو أضعف وأسخف من هذه الشبهة، وهو أنه كان في مكة قين (حداد) رومي يصنع السيوف وغيرها. فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقف عنده أحيانًا يشاهد صنعته، فأتهموه بأنه يتعلم منه، فرد الله عليهم بقوله {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (١٠٣)} [النحل: ١٠٣].

٤ - يعقد فصلًا في ترجيح فضائل القرآن على فضائل الإنجيل (٢)، يقول فيه:

(وأذكر فضيلتين من فضائله، يزعم النصارى أن ما هو مأثور عندهم فيها، أكمل وأفضل مما جاء به الإسلام.

(الأولى) قول المسيح عليه السلام: (أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى من أساء إليكم، ومن ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر) ... أمثال هذه الأوامر لا تأتي في دين الفطرة العام، لأن امتثالها من


(١) تفسير المنار جـ ١١ ص ١٨٧.
(٢) تفسير المنار جـ ٨ ص ٢١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>