إلى المشرق أو المغرب ليس هو البر ولا منه، بل ليس في نفسه عملًا صالحًا كما تقدم في آيات تحويل القبلة.
{وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ. . . الخ} وفيه الإخبار عن المعنى بالذات، وهو أسلوب بليغ يصور لك المعنى في نفس الموصوف به، فيفند أن البر هو الإيمان وما يتبعه من الأعمال، باعتبار اتحادهما، وتلبس البار بهما معًا، ومن حيث إن الإيمان باعث على الأعمال، وهي منبعثة عنه، وأثر له تستمد منه وتمده وتغذيه، وأصول هذا الإيمان الخمسة المذكورة هنا وهي: الإيمان بألوهية الله وربوبيته وحده، وما يجب من تنزيهه وكماله المفصل في كتابه، والإيمان باليوم الآخر، وما فيه من الحساب والجزاء، والإيمان بالملائكة، والكتب الإلهية، والنبيين والكتب التي نزلت عليهم بما في القرآن من إجمال وتفصيل.
{وَآتَى الْمَال عَلَى ... الخ} أي وأعطى المال لأجل حبه تعالى أو على حبه تعالى أو على حبه إياه أي المال.
{ذَوِي الْقُرْبَى} أي الأقربين للمعطى، وهم أحق الناس بالبر والصلة، فإن الإنسان إذا احتاج وفي أقاربه غني، فإن نفسه تتوجه إليه بعاطفة الرحم والفطرة، فمن قطع الرحم ورضي بأن ينعم، وذوو قرباه بائسون، فهو بريء من الفطرة والدين وبعيد عن الخير والبر.
{وَالْيَتَامَى} فإنهم لموت آبائهم تتعلق كفالتهم وكفايتهم بأهل الوجد واليسار من المسلمين، كيلا تسوء حالتهم، وتفسد تربيتهم، فيكونوا مصائب على أنفسهم وعلى الناس.
{وَالْمَسَاكِينَ} أهل السكون والعفة من الفقراء، فإنهم لما قعد بهم العجز عن كسب ما يكفيهم، وسكنت نفوسهم للرضى بالقليل، عن مد كف الذليل، وجبت مساعدتهم ومواساتهم على المستطيع.
{وَابْنَ السَّبِيلِ} المنقطع في السفر لا يتصل بأهل ولا قرابة، حتى كان السبيل