أعطي الشيخ عبد القادر حظًّا وافيًا من البيان العربي، وأسلوبه يمتاز بسلاسة اللفظ، وسهولة المعنى، وجوده السبك. فتفسيره للآية من القرآن قطعة أدبية يبدعها يراعه، فيحس القارئ آثار الروعة وحسن العبارة ويسر المعنى جمالًا يترقرق، فيصل إلى قلب القارئ دون تكلف أو تعقيد.
وهو مع هذا لا يهمل دقائق اللغة، بل يتوسع فيها أكثر من شيخه الإمام، كما لا يهمل بعض النوادر التي تعكس لنا صورة واضحة عن أسلوب الشيخ، وقوة عارضته في تأدية العبارة.
أصل الذلول الدابة اللينة السهلة الانقياد. مشتق من الذِّلّ بكسر الذال بمعنى اللين، وهو ضد الصعوبة، والوصف منه ذلول، أما الذُّل بضم الذال، فهو أن يهون أمر الرجل ويصغر شأنه بين الناس، وضده العز، والوصف منه ذليل.
والمناكب جمع منكب على وزن مجلس، وهو الناحية من كل شيء، فمناكب الأرض أطرافها وجوانبها، ومنكبا الرجل جانباه. والمنكب أيضًا في البعير والإنسان، اسم للموضع الذي يلتقي فيه عظم عضده بكتفه، وهما منكبان، فيحتمل أن يكون المراد بمناكب الأرض جبالها وآكامها، وتكون سميت بذلك لشخوصها وارتفاعها، كارتفاع المناكب في الإنسان، وخص الجبال بالذكر في قوله {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} لإفادة أن الأرض غاية السهولة والانقياد للإنسان، بحيث يتسنى له الانتفاع بوعورها وحزونها، فكيف يكون مقدار انتفاعه بسهولها وأريافها المنبسطة؟ يروى أن بشير بن كعب العدوي، قرأ هذه الآية {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} فقال لجارية له: (إن دريت ما مناكبها فأنت حرة لوجه الله) فقالت: (مناكبها جبالها)، فكأنما صفع في وجهه، أي كأن لاطمًا لطمه على وجهه خشية أن تكون الجارية