للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصابت في تفسير المناكب فتعتق عليه، وتخرج من ملكله، وهو ضنين بها، فسأل: فمن قائل عتقت، ومن قائل لم تعتق. ثم سأل أبا الدرداء الصحابي الجليل -رضي الله عنه- فقال له: (إن الخير في طمأنينة، وإن الشر في ريبة فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك) ومعنى هذا أن خيرًا للإنسان أن يكون في حالة طمأنينة وهدوء نفس، وأن شرًّا له أن يكون حاله على العكس، وإن الجارية يحتمل أن تكون قد أصابت وأن تكون قد أخطات. فبقاؤها في ملك سيدها مدرجة للشيطان بالوسوسة إلى نفسه، فالأحسن له أن يعتقها ثم يتزوجها إن شاء وشاءت هي).

والنشور مصدر (نشر الميت) (ينشر) من باب (دخل)، عاش بعد الموت، ومعنى كون النشور إلى الله، أن البعث ومرجع الإنسان في نشأته الأخرى إليه تعالى، فليس من يحاسبه على أعماله سواه.

قلنا آنفًا: إن هذه الآية تتضمن مثالًا من أمثلة لطفه تعالى بالبشر، منذ جعل الأرض صالحة لسكناهم فيها، على أن الآية ربما كانت مسوقة لتهديد المكذبين وتذكيرهم بأن من يسر لهم أسباب البقاء في هذه الأرض قادر على سلبهم إياها. فهو يقول لهم: احذروا هذا التمادي والتكذيب للرسل، ومحاولة إخفاء سرائركم، واذكروا أنه تعالى جعل لكم الأرض سهلة لينة منقادة انقياد الدابة الذلول، فدعوا إذن العناد والتكذيب جانبًا وحافظوا على هذه النعمة، وامشوا في الأرض مشى المستثمر المستفيد، وانتفعوا بما هيأه لكم فيها من أنواع الرزق وأصناف القوت، ثم لا تركنوا إلى هذا العيش الهنيء، فتستسلموا إلى أهوائكم، ووساوس نفوسكم، بل تيقنوا أنكم سوف ترجعون بعد النشور، من قبوركم إلى الله، فيحاسبكم وينتصف منكم.

وانقياد الأرض للإنسان ظاهر بالأكثر في الأمم الحية، التي عرفت كيف تنتفع بقوى نفسها ومدارك عقولها الممنوحة لها من قبل العزة الإلهية، فهي لم

<<  <  ج: ص:  >  >>