للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بخاصة، فهو ينقل مستحسنًا كلما سنحت فرصة رأي أبي مسلم. من ذلك مثلًا قوله عند تفسير قول الله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (١٦)} [الملك: ١٦] وذهب أبو مسلم الأصفهاني إلى أن العرب لما كانوا يقرون بوجود الله تعالى، ويزعمون أنه في السماء خوطبوا في الوحي على حسب اعتقادهم، فقيل لهم: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} أي أأمنتم أيها القوم ذاك الإله العظيم الذي تعتقدون أنه موجود في السماء، أن يهلككم! هذا ما قاله أبو مسلم، وهو دقيق جدًّا).

وعند تفسيره لقول الله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: ٤٢] أي يوم هو، أفي الآخرة أو الدنيا؟ يقول: (وذهب أبو مسلم الأصفهاني مذهبًا في تفسير هذه الآيات لا أراه بالبعيد، فقد قال: إن ذلك اليوم في الدنيا، لأن الله تعالى قال: {وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢)} ويوم القيامة لا يدعى فيه إلى عبادة) ومع بعد هذا عن المتبادر من الآيات، إلا أن الأستاذ يستحسنه ولا يرى فيه بعدًا ولا به بأسًا.

جـ - ومن هذا القبيل ميله إلى التمثيل في كثير من الآيات، والتمثيل شائع كثيرًا عند المعتزلة. فمثلًا يقول في قوله تعالى: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة: ١٧]، إن هذا من باب التمثيل).

ويبسط هذا حينما يتحدث عن نعيم الجنة في رسالته (الحجج الظاهرة في ما هي ملذات الآخرة) فهو يذكر أن للناس في نعيم الآخرة ثلاثة مذاهب:

أولًا: مذهب الجمهور ويحملون الآيات على حقيقتها، مستندين إلى قدرة الله والإمكان العقلي.

ثانيًا: مذهب المتصوفة ويفسرونه تفسيرًا روحانيًا.

ثالثًا: مذهب اللغوين الذين يدركون أسرار اللغة ومزاياها.

وأما المذهب الأول فهو مذهب المقلدين الجامدين (هكذا يقول الشيخ وبكل

<<  <  ج: ص:  >  >>