للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جرأة! ومن هم هؤلاء المقلدون الجامدون؟ إنهم ليسوا متأخري الفقهاء، ولا صغار العلماء، وإنما هم الجمهور كما قال هو! ... الجمهور إذن هم المقلدون الجامدون! ، سبحان الله إنه ليس أسهل على رجال هذه المدرسة، من أن يصفوا غيرهم بالجمود والتقليد، ولو كان هؤلاء كبار الأئمة المجتهدين! ! ويخلص الشيخ إلى القول بأن أصحاب المذهب الثالث، هم الذين أصابوا عين الحقيقة، ويستدل لذلك بأمثلة كثيرة منها: (إن التمثيل معروف في لغة العرب، ويستشهد بأقوال من الشعر العربي لا تنهض له دليلًا، ولست بصدد مناقشتها في هذا المجال، فنحن لا ننكر التمثيل والصور المنتزعة من المحسوسات، لكننا لا نرى أن مجال التمثيل ينبغي أن تتسع له دوائر الألفاظ كلها، ولا بأس من أن أنقل بعض عبارات الشيخ (ولا يتوهمن أحد ما قلناه هو بعينه قول المتصوفة السابق، لأن المتصوفة إنما يجعلون مدلولات هذه الألفاظ الدالة على الملذات، أمورًا ذوقية تحسّ بها طائفة خاصة، بينما نحن نقول بأن لتلك الألفاظ مدلولات علوية تلائم الحياة: الحياة الأخروية، لا نستطيع اكتناهها في حياتنا الدنيا، وإنما فعل الشرع ذلك تفاديًا من وضع كلمات جديدة، لهذه المسرات الأخروية، ليست من لغة العرب المخاطبين ولا يفهمونها. والحكمة تقضي أن لا يخاطبهم إلا بما يفهمون، لتنهض الحجة عليهم، وما فعله الشرع من نقل هذه الكلمات من معنى إلى معنى، لم يكن بدعًا من عادة العرب) (١).

ثم يقول: (ومحصل القرآن حمل آيات النعيم، ووصف اللذائذ الأخروية على المعنى الكنائي، والأسلوب التمثيلي -كما وقع في قول الخنساء وأقوال الكثيرين غيرها، من فحول فصحاء العرب وبلغائهم- لا يضر تلك الآيات، ولا يحط من قدر بلاغتها وقيمة إعجازها، بل هو على العكس يزيدها رونقًا وبلاغة وحسنًا، ويرفعها درجات في معارج الإبداع والإعجاز) (٢).


(١) على هامش التفسير ص ٢٢ - ٢٣.
(٢) على هامش التفسير ص ٢٧ - ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>