هو من الوحي، وإنما حصل اللبس فيما بعد، حينما عرفت الكواكب السبع فظن أن هذه هي عين تلك، فكان الخطأ في التطبيق والتفسير.
ويحضرني مثال شبيه لهذا وإن كان بعيدًا من حيث الموضوع، يخبرنا رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام، أن القرآن نزل على سبعة أحرف، وبعد أكثر من قرنين اصطلح على سبعة أئمة للقراءات عرفت قراءاتهم بالقراءات السبع، فاشتهر عند العامة وعند كثير من الخاصة حتى من المفسرين، (كالخازن) مثلًا، إن الأحرف السبعة هي القراءات السبع، وهذا خطأ في التطبيق والتفسير، ولكن ليس معنى هذا أنه ليس هناك أحرف سبعة أو قراءات سبع، وهكذا يقال بالنسبة للسماوات السبع والكواكب السبع التي عرفها الأقدمون.
وإذا كان القرآن حصر السماوات بسبع مجاراة لعلوم السابقين ومعارفهم، أفلا يمكن أن يقاس على هذا أمور كثيرة؟ فلو أن مؤرخًا مأفونًا، أو عالمًا معتوهًا، جاء يدعي أنه ليست هناك قرى تعرف بالأيكة أو مدين، أو ليس هناك في التاريخ من يسمى (لُوطا)، أفلا يمكن أن يقال له إذن إن القرآن ذكر هذا، مجاراة لمعارف الناس وتصوراتهم؟ الحق أن فتح هذا الباب على مصراعيه، سيكون سببًا لسهام غدر توجه إلى كبد الحقيقة:(حقيقة هذا الدين) وتقرير القرآن بأن السماوات سبعٌ لفتة علمية رائعة، ينبغي على العلماء أن يحاولوا جادين بحثها، بحثًا علميًّا يكون القرآن فيه هو الأساس.
ب - يقول الشيخ عند تفسير قول الله تعالى:{وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ}[الملك: ٥] بعد بيانه لرأي الجمهور، ويا ليته اكتفى به: (ولبعضهم في تأويل جعل النجوم رجومًا للشياطين كلام جدير بالقبول وهو: أن الرجوم واحدها الرجم، مصدر رجم، وهو أن يتكلم المرء بالظن والتخمين، ومنه قوله تعالى:{رَجْمًا بِالْغَيْبِ}[الكهف: ٢٢] فإن الرجوم هنا يسمى الظنون، أما الشياطين فهم شياطين الإنس، أعني المنجمين الذين اتخذوا من النظر في نجوم السماء، والتكهن عن أمور المستقبل، بما يبدو لهم من طوالعها وقراناتها -صناعة لحمتها