وما صح من الأحاديث في النهي عن طعام غير هذه الأنواع الأربعة، فهو إما مؤقت لعارض وإما للكراهة فقط، ومن الأول تحريم الحُمُر الأهلية، فقد روى ابن أبي شيبة والبخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:(نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر)، ومن الثاني ما رواه البخاري ومسلم عن أبي ثعلبة الخشني- أن رسول -صلى الله عليه وسلم-: (نهى عن كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير).
ثم بين سبحانه وتعالى ما حرمه على بني إسرائيل خاصة عقوبة لهم، لا على أنه من أصول شرعه على ألسنة رسلهم قبلهم أو بعدهم، فقال:{وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} أي وعلى الذين هادوا دون غيرهم من أتباع الرسل، حرمنا كل ذي ظفر، أي ما ليس منفرج الأصابع كالإبل والنعام والإوز والبط، كما قاله ابن عباس وابن جبير وقتادة ومجاهد.
{وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ} أي أنه حرم عليهم لحم كل ذي ظفر وشحمه، وكل شيء منه، وترك البقر والغنم على التحليل، لم يحرم منهما إلا الشحوم الخالصة، وهي الثروب (وأحدها ثرب، وهي الشحم الرقيق الذي يكون على الكرش).
والخلاصة -ومن البقر والغنم دون غيرهما، مما أحل لهم من حيوان البر والبحر، حرمنا عليهم شحومهما الزائدة، التي تنتزع بسهولة لعدم اختلاطها بلحم ولا عظم، ولا يحرم عليهم ما حملت الظهور أو الحوايا أو ما اختلط بعظم والسبب في تخصيص البقر والغنم بهذا الحكم، أن القرابين عندهم لا تكون إلا منهما، وكان يتخذ من شحمهما الوقود للرب، كما ذكر ذلك في الفصل الثالث من سفر اللاويين فقد جاء فيه التفصيل في قرابين السلامة من البقر والغنم (كل الشحم للرب فريضة أجيالكم في جميع مساكنهم، لا تأكلوا شيئًا من الشحم ولا الدم).
{ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ} أي إنما حرم الله ذلك عليهم عقوبة بغيهم فشدد عليهم