للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حسّهم، وبهذا يصدق قول القائل (الدين والعقل في الإسلام صنوان لا يفترقان وصديقان لا يختلفان) (١).

وفي قوله سبحانه: {وَإِذْ قَال إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَال أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَال بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: ٢٦٠] يدافع الشيخ عن طلب إبراهيم عليه السلام معرفة شيء من كنه الغيب الذي لا يعرفه، بأن هذه طبيعة البشر يودون دائمًا التعّرف على المجهول، ويأتي لذلك بأمثلة من المبتكرات العلميّة وخفائها على كثير من الناس، فيقول: (وإنا الآن لا (٢) نؤمن بأمور كثيرة إيمانًا ولا نعرف كيفيتها ونود لو نعرفها، فهذا الأثير (التلغراف اللاسلكي) ينقل أخبار العالم في لحظة ولا نعرف كيفية ذلك، بل أكثر من ذلك نقل الصور بالتلغراف من الأقطار النائية والقارات البعيدة، ومثله أصوات المذياع (الراديو) التي تنتشر في جميع أقطار العالم بكل اللغات، وتسمع في أرجاء المعمورة، ولا يعرف كثير من الناس كيف تصل إليهم) (٣).

ويعرض الشيخ في تفسيره لبعض الدروس الاجتماعية التي يمكن أن يستفيدها الإنسان من السيرة النبوية.

١ - فعند تفسير قوله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ} [البقرة: ٢٨٥] بيّن الشيخ أثر الإيمان في مجتمع الصحابة، في إيماء إلى ضرورية ترسّم خطاهم بعد أن رقي بهم إيمانهم من حضيض التخلف، قال:

(وقد كان أثر هذا الإيمان أن زكت نفوسهم وطهرت قلوبهم وعلت هممهم، فأتوا بالعجب العاجب من فتح البلاد والشعوب وسياستها سياسة عدل وحكمه، مما شهد لهم به أعدى أعدائهم، وسجله لهم التاريخ في سجل


(١) المراغي ١٣/ ٧٧.
(٢) والصحيح أن يقول: (وإنا لنؤمن بأمور كثيرة)، وهذا مراد الشيخ والله أعلم، لأن سياق الجملة يؤيده، فسيدنا إبراهيم يؤمن ببعث الموتى كما نؤمن بظواهر كثيرة ونشترك وإياه في طلب معرفة حقيقة ما نؤمن به.
(٣) المراغي ٣/ ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>