للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو وقف عند هذا لكان كافيًا في وضوح المراد، ولكنه استطرد ليبين زمن مسير القمر في كل برج، ثم مسير الشمس، ثم أسماء البروج التي تسير فيها الشمس، ثم تفرع الفصول الأربعة من هذا المسير.

كل ذلك جاء في شرح المفردات، ثم عاد في الإيضاح ليتكلم عن الزمن اللازم لوصول ضوء الكواكب إلى الأرض، وسرعة الضوء في الثانية الواحدة، ثم خلص بعد ذلك إلى بُعد الكواكب عن الأرض تبعًا للزمن الذي يستغرق ضوؤها في الوصول إلينا) (١).

ويحاول الشيخ أن يقرب الكثير من القضايا الغيبية إلى الأذهان فعند قوله سبحانه {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [الرعد: ١١] يقول: (أي للإنسان ملائكة يتعاقبون عليه حرس بالليل وحرس بالنهار، يحفظونه من المضار ويراقبون أحواله ... وليس أمر الحفظة بالبعيد عن العقل بعد أن أثبته الدين وبعد أن كشف العلم أن كثيرًا من الأعمال العامة يمكن إحصاؤها بآلات دقيقة لا تدع فيها شيئًا إلا تحصيه، فقد أصبحت المياه والكهرباء في المدن تعدّ بالآلات (العدادات) فالمياه التي يشربونها، والكهرباء التي يضيئون بها منازلهم تحصى وتعد كما يعد الدرهم والدينار، وكذلك هناك آلات تحصي المسافات التي تقطعها السيارات في سيرها، وأخرى تحصي تيارات الأنهار ومساقط المياه إلى غير ذلك من دقيق الآلات التي لا تترك صغيرة ولا كبيرة من الأعمال إلا تكتبها وتحصيها.

وكلما تقدمت العلوم وكشفت ما كان غائبًا عنا كان في ذلك تصديق أيما تصديق لنظريات الدين (٢)، ووسيلة حافزة إلى الاعتراف بما جاء فيه مما يخفى على بعض الماديين الذين لا يقرون إلا بما يرونه رأي العين، ولا يذعنون إلا بما يقع تحت


(١) نفسه ٣٠/ ٩٨ - ١٠٠.
(٢) هذا تعبير غير دقيق، والشيخ يريد بقوله (تصديق لنظريات الدين) تصديق لرأي الدين، واستعمال (النظرية) يتنافى مع حقائق الدين، فالنظرية أمر خاضع للبحث والتجربة، قابل للخرق.

<<  <  ج: ص:  >  >>