بهجة العلوم في الفلسفة العربية وموازنتها بالعلوم العصرية، وتوفي بالقاهرة سنة ١٩٤٠ م).
وجاء في تقويم دار العلوم بمناسبة مرور خمسة وسبعين عامًا على تأسيسها، ما كتبه محمد عبد الجواد عن الشيخ طنطاوي، بصفته مدرسًا بدار العلوم، نقتطف منه ما يلي:
(ولد سنة ١٨٧٠ بكَفْر عوض الله، ونشأ به، وكان يشتغل بالأعمال الزراعية، وتلقى تعليمه الأولى في (الغار) بلد جدته لأمه، وكان مشهورًا بجودة الحفظ والذكاء المفرط، تلقى العلم في الأزهر، فدار العلوم وتخرج منها سنة ١٨٩٣، ثم عين بعد تخريجه مدرسًا بدمنهور، فدار العلوم، ثم الخديوية، ودرس بالجامعة المصرية، تعلم اللغة الإنجليزية وهو مدرس بالخديوية، وانتفع بها كثيرًا، في تأليفه، كان عالمًا أديبًا فيلسوفًا، ترك من المؤلفات عددًا كبيرًا من الكتب القيمة، وكان عمله لا ينحصر في دائرة محدودة، بل كنت تراه في درسه كالقاموس، وقد طلب للقضاء فلم يقبل، كان رئيسًا لجمعية المواساة الإسلامية بالقاهرة، وتولى رياسة تحرير مجلة (الإخوان المسلمين) مدة، عاش نحو سبعين عامًا صحيح الجسم معافى البدن، قوي الذاكرة، مشرق المحيا، بفضل ما اختطّ من نظام صحي خاص بعد إحالته على المعاش.
عرفته مدرسًا بدار العلوم، فإذا به في درسه كالطائر في قفص، يحاول أن يرد نفسه إلى حدود المنهج الدراسي، فلا يطاوعه علمه ولا يساعده تبحره. كان يقرر المسألة، فيستشهد في شرحه بصغار الهوام والحشرات، ثم يحلق بك في أجواء عالم الفلك والسماوات، فلا يكاد ينتهي من درسه حتى تشعر كأنك قمت برحلة، في طائرة شاهدت بها عالم السماوات، أو طفت البحار في باخرة شاهدت فيها عجائب البحار، أو طوفت بالحقول فتأملت فيها غرائب النبات، أو تنقلت بين السهول والجبال، فأدركت عجائب الكائنات غير الناطقات مع عبارة تستهويك،