للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يُبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليدُ العليا خيرٌ من اليد السفلى .. » (١).

أيها المسلمون ويَظلُّ أقوامٌ فقراء لما في قلوبهم من الهلع والجزع والحرص على الدنيا، وإن كانوا في عداد الأغنياء ويظل آخرون أغنياء يتعففون ويتكففون ولا يسألون الناس إلحافًا، وإن باتوا لا يجدون من الدنيا ما يطعمون لو شاءوا لكانوا من ذوي الثروة والغناء.

صلى عليك الله يا علم الهدى وأنت تربط على بطنك الحجرين من شدة الجوع والإعياء، ولو سألت ربَّك لأحال لك الصفا ذهبًا، وأنى لك أن تسأل هذا وأنت القائل: «اللهم اجعل رزق آل محمدٍ قوتًا» (٢)، والقوت ما يسد الرَّمقَّ- عند أهل اللغة-.

وأبو هريرة رضي الله عنه يقول عنك: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير» (٣). كان غنى النفس هو مفهوم الغنى الحق عندك، وكذلك أورثت أصحابك، ولقد خرجت والمؤمنون معك بعد ثلاث سنوات من الحصار الاقتصادي الذي فرضته قريش عليكم في الأرزاق والمناكح، وأنتم أصلبُ عودًا، وأشدُّ على المبدأ الحق ثباتًا، وإن أكل المسلمون ورق الشجر، وإن كان أحدُهم ليضع كما تضعُ الشاة ماله خَلْطٌ .. لكنه الإيمانُ والصبر واليقين تندُك له الصخور الراسيات، وتستجيب له القلوبُ وإن لم تتخلص بعدُ من حمأة الجاهلية، ولم يسلم أصحابها مع محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه.


(١) الحديث متفق عليه (رياض الصالحين ٢٠١).
(٢) متفق عليه، رياض الصالحين ص ١٩١.
(٣) رواه البخاري (رياض الصالحين ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>