وفي حالة غيابها أو ضعفها تسوء أحوالُهم ويُسلط عليهم أعداؤهم.
إخوةَ الإسلام! من الخطأ ومعوقات النصر أن يحسن العبدُ ظنه بنفسه وبدينه- مع ما هو فيه من مخالفاتٍ وتقصير وضعفٍ وهوى، وحب للدنيا- ثم تراه بعد ذلك يتحسر ويقول: لماذا يُذل المسلمون، ويُديل الله عليهم الكافرين؟ ! ولماذا يتفرق المسلمون، ويجتمعُ عليهم الكفرة والمنافقون؟ !
وفي هذا المقام يقول ابنُ القيم يرحمه الله موضحُا جوانب من تقصير العبدِ في دينه: فإن العبدَ كثيرًا ما يترك واجباتٍ لا يعلمُ بها، ولا بوجوبها فيكون مقصرًا في العلم، وكثيرًا ما يتركها بعد العلمِ بوجوبها، إما كسلًا أو تهاونًا، وإما لنوع تأويلٍ باطلٍ، أو تقليد، أو لظنه أنه مشتغلٌ بما هو أوجب منها، أو لغير ذلك، فواجبات القلوب أشدُّ وجوبًا من واجبات الأبدان وآكدُ منها، وكأنها ليست من واجبات الدين عند كثيرٍ من الناس، بل هي من باب الفضائل والمستحبات .. ثم يضرب ابنُ القيم نموذجًا لهذا التقصير في الواجبات فيقول: ما أكثرَ من يتعبدُ الله يترك ما أوجب عليه، فيتخلى وينقطعُ عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع قدرته عليه، ويزعم أنه متقربٌ إلى الله تعالى بذلك مجتمعٌ على ربه تبارك وتعالى، تارك ما لا يعنيه، فهذا من أمقتِ الخلقِ إلى الله، وأبغضِهم إليه، ومع ظنه أنه قائم بحقائق الإيمان وشرائع الإسلام وأنه من خواص أوليائه وحزبه (١).
عباد الله! إذا كان ما ذكره ابنُ القيم نموذجًا لتقصير الخيرين ومن يزعمون أنهم أولياءُ الله .. فكيف وفي المسلمين من يستسهل تركَ الواجباتِ المهمةِ في الدين .. وفيهم من لا يتورع عن إتيان المحرمات صباحًا ومساءً، وفيهم من لا يهمه شأنُ