للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأسه بدت رجلاه وإذا غطينا رجليه بدا رأسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((غطوا رأسه واجعلوا على رجليه من الإذخر))، ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهد بها .. » (١).

وبكى لذكره وذكرِ حمزة رضي الله عنهما عبدُ الرحمن بن عوف رضي الله عنه. ممن لم يوجد لهم ما يكفنون به. وهو يقول: أخشى أن تكون طيباتُنا عُجلت لنا في الحياة الدنيا .. (٢).

بل لقد ذرفت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أن رأى مصع بن عمير في

بردةٍ له مرقوعة بفروة، وكاد قبل أنعم غلامٍ بمكة وأرفه، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ما كان فيه من النعيم ورأى حالته التي هو عليها، فذرفت عيناه عليه، ثم قال: أنتم اليوم خير أم إذا غدي على أحدكم بحفنةٍ من خبز ولحم؟ فقلنا: نحن يومئذ خير، نكفى المؤنة ونتفرغ للعبادة، فقال: بل أنتم اليوم خير منكم يومئذ (٣).

وفي الحلية عن عمر رضي الله عنه قال: نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى مصعب بن عمير مقبلًا وعليه إهابُ كبشٍ قد تنطق به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((انظروا إلى هدا الرجل الذي قد نوَّر الله قلبه، لقد رأيته بين أبوين يغذوانه بأطيب الطعام والشراب، فدعاه حبُّ الله ورسوله إلى ما ترون)) (٤).

إخوة الإسلام! حين ينصرف مصعب بن عمير عن ملاذ الدنيا فليس تحريمًا لما أحله الله منها .. ولكنه الانشغال عنها بما هو أهمُّ منها .. لقد أخذت عليه الدعوة لدين الله كل اهتمام، وبدل نفسه رخيصة في سبيل إحراج الناس من الظلمات إلى


(١) رواه البخاري وغيره (١٢٨٦).
(٢) أخرجه البخاري (١٢٧٤).
(٣) رواه الترمذي- في حال مصعب بن عمير بعد الإسلام- وقال: حديث حسن غريب، وضعف إسناده ابن حجر وغيره. سير أعلام النبلاء ١/ ١٤٧، الإصابة ٩/ ٢٠٩.
(٤) حلية الأولياء ١/ ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>