للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} (١). إن هذه الآية كما ترد على من أنكر طلب الأقوات بالتجارات والصناعات المباحة كالمتصوفة الجهلة.

ففيها كذلك حد لأولئك الشرهين الآكلين للأموال بالباطل وهل يقتل العقلاء أنفسهم؟ ذلك شأن الذين يتجاوزون الحلال إلى الحرام، ويقتلون أنفسهم بالحرص على الدنيا وطلب المال بطرق غير مشروعة (٢).

عباد الله! لأهمية المعاملة بالحسنى في البيع والشراء والقضاء والاقتضاء، ورد الثناء على التجار الصادقين الأمناء وجاء الذم للتجار الفجار، الآثمين في حلفهم، الكاذبين في حديثهم، روى الترمذي، والدارقطني عن أبي سعيد، وابن عمر رضي الله عنهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((التاجر الصدوق الأمين المسلم مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة))، والحديث وإن كان فيه ضعف فقد قواه العلماء بأحاديث أخرى (٣).

وروى الإمام أحمد من حديث عبد الرحمن بن شبل مرفوعًا ((إن التجار هم الفجار) قالوا: يا رسول الله: أليس الله قد أحلَّ البيع؟ قال. ((بلى؟ ولكنهم يحلفون فيأثمون، ويحدثون فيكذبون)) (٤).

وجاء الدعاء لأهل السماحة في البيع والشراء بقوله صلى الله عليه وسلم ((رحم الله عبدًا سمحًا إذا باع، سمحًا إذا اشترى، سمحًا إذا قضى، سمحًا إذا اقتضى)) (٥).


(١) سورة النساء، الآية: ٢٩.
(٢) تفسير القرطبي بتصرف (٥/ ١٥٦).
(٣) شرح السنة للبغوي ٨/ ٤، تفسير القرطبي ٥/ ١٥٦، جامع الأصول ١/ ٤٣١.
(٤) وقد جوّد المنذري إسناده وصححه الحاكم، جامع الأصول ١/ ٤٣٢.
(٥) رواه البخاري وابن ماجه (صحيح الجامع ٣/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>