للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يذكرون} (١). فهلا تبت وتذكرت كم مصيبة حلت بنا بما كسبت أيدينا؟ وكم عفى الله وتجاوز عنا؟ {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير} (٢). فهل آمنا وصبرنا واحتسبنا؟ .

عباد الله! إن شأن الناس في الدنيا عجيب يلهون ويلعبون والكرام الكاتبون لهم حافظون يعلمون ما يفعلون، وينسون وكلُّ ذرة من أعمالهم محسوبة، وسوف يسألون {يوم يبعثهم الله جميعا فينبؤهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد} (٣).

تُرى يا عبد الله! أيغيب عن ربِّك أعمالٌ استحييت أن يراها الناس؟ فتواريت عن أعينهم في عام مضى، وستر الله عليك في هذه الحياة أتراك تتمادى هذا العام؟ أم تتوب إلى الله وأنت تُدرك أنه غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب؟ أفلا تخشى الفضيحة على رءوس الأشهاد، حين يتخلى عنك القريب، وتشهد عليك الجوارح {اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون} (٤).

فيا أخا الإسلام! إياك والغفلة عما أمامك من أهوال يوم القيامة، فذاك يوم يشيب له الولدان، وتضع الحوامل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد، وإياك والاغترار بهذه الحياة، ومجالسة من يؤمنونك دائمًا وإن كنت على شفير يكاد ينهار، واستمسك بصحبة الأخيار وإن ذكروك المصائب


(١) سورة التوبة، الآية: ١٢٦.
(٢) سورة الشورى، الآية: ٣٠.
(٣) سورة المجادلة، الآية: ٦.
(٤) سورة يس، الآية: ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>