للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأهوال، قيل للحسن: يا أبا سعيد كيف نصنع نجالس أقوامًا يخوفوننا حتى تكاد قلوبنا تطير؟ فقال: والله إنك إن تخالط أقوامًا يخوفونك حتى يدركك أمن، خير من أن تصحب أقوامًا يؤمنونك حتى يدركك الخوف (١).

يا أخا الإيمان! لا يغرنك الشباب والصحة والأمان، فقد يفجأك ما ليس في الحسبان، قال عبد الله بن شُميط: سمعت أبي يقول: أيها المغترُّ بطول صحته! أما رأيت ميتًا قطُّ من غير سقم؟ أيها المغترُّ بطول المهلة أما رأيت مأخوذًا قطُّ غِرّة؟ أبالصحة تغترون؟ أم بطول الأمل تأمنون؟ أم على ملك الموت تجترءون؟ (٢).

إن من السفه والخسران المبين أن ينسى المرء لقاء ربِّه، ويرضى بالحياة الدنيا ويطمئن إليها {إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون * أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون} (٣).

عباد الله .. من الاتعاظ بالزمن أن تهذب المرء التجارب، وتقوِّم عوجه الأيام، وهل المصائب والنوازل إلا دروس يتعلم منها الجاهل، ويصحو الذاهل، ويتوب إلى الله من نأى عنه، قال الله تعالى. {ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون * فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون} (٤).

وإذا كان من طبيعة البشر أن يعرفوا ربهم ساعة الشدة، ويلجأوا إليه عندما تستحكم الأزمة، فعقلاء البشر هم الذين إذا أصابتهم ضائقة فعطفتهم على الله


(١) الإحياء ٤/ ١٧٠.
(٢) عبد الملك القاسم، لحظات ساكنة ١٥، ١٦.
(٣) سورة يونس، الآيتان: ٧، ٨.
(٤) سورة الأنعام، الآيتان: ٤٢، ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>