وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سُود، ومخلوقات تختلف أشكالها وأحجامها وهيئاتها، وكلها خلق من ماء فمنها ما يمشي على بطنه، ومنها ما يمشي على رجلين، ومنها ما يمشي على أربع، يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير، بل لو أبصر المرء في ذات نفسه وتأمل قدرة الله في خلقه لزاد إيمانه وامتلأ قلبه يقينًا بخالقه.
ألا ما أحوج الأمة المسلمة بأفرادها وقادتها إلى مزيد الإيمان واليقين ترتفع به من كبوتها .. وتستنقذ به نفسها والأمم من حولها من هاوية الحيرة والضلال والشك والريب، وتسير بالإيمان واليقين تفتح مغاليق القلوب بإذن الله، وتنشر دين الله الحقَّ في أصقاع المعمورة، وكذلك كان أسلافنا قممًا عالية في الإيمان واليقين، ومن طريف ما يُروى في الإيمان واليقين، أن المسلمين حين افتتحوا مصر جاء أهلُها إلى عمرو بن العاص وكان أميرًا لها حين دخل بؤونة من أشهر العجم، فقالوا: أيها الأمير: إن لنيلنا هذا سُنَّةً لا يجري إلا بها، قال: وما ذاك؟ قالوا: إذا كانت ثنتا عشرة ليلة خلت من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الحُلي والثياب أفضل ما يكون ثم ألقيناها في هذا النيل، فقال لهم عمرو: إن هذا لا يكون في الإسلام، إن الإسلام يهدم ما كان قبله، فأقاموا بؤونة والنيلُ لا يجري حتى هموا بالجلاء، فكتب عمرو إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بذلك، فكتب إليه عمر: إنك قد أصبت بالذي فعلت، وقد بعثت إليك ببطاقة داخل كتابي هذا، فألقها في النيل، فلما قدم كتابُه أخذ عمرو البطاقة ففتحها فإذا فيها: من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر، أما بعد، فإنك إن كنت إنما تجري من قبلك فلا تجري، وإن كان الله الواحدُ القهار هو الذي يجريك فنسأل الله أن يجريك. قال: فألقى البطاقة في النيل فأصبحوا يوم السبت