للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهم أهلُ السفاهة بشهادة القرآن {وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون} (١).

أيها المسلمون! لا يغترُّ المؤمنون بنصح المنافقين وإن زعموا، ولا يغير من واقعهم شيئا وإن علوا المنابر وباسم الإسلام تحدثوا .. وعن قضاياه أحيانًا نافحوا، والله أعلم بما يكتمون. ولله درُّ المؤمنين السابقين حين أسكتوا زعيمهم الأول وعن حقيقته كشفوا، فقد روى ابن إسحاق في السيرة قال حدثني الزهري قال: ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة -مرجعه من أحد- وكان لعبد الله بن أُبي -زعيم المنافقين- مقام يقومه كلَّ جمعة لا يُنكر، شرفًا له من نفسه ومن قومه، وكان فيهم شريفًا إذا جلس النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وهو يخطب الناس قام فقال: أيها الناس: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهركم، أكرمكم الله به، وأعزكم به، فانصروه وعزروه، واسمعوا له وأطيعوا، ثم يجلس، حتى إذا صنع ابن أبيّ يوم أحد ما صنع -يعني مرجعه بثلث الجيش- قام يفعل ذلك كما كان يفعله، فأخذ المسلمون بثيابه من نواحيه وقالوا: اجلس، أي عدوَّ الله، لست لذلك بأهل، وقد صنعت ما صنعت، فخرج يتخطى رقاب الناس وهو يقول: والله لكأنما قلتُ بَجْرًا: أي أمرًا عظيمًا. إلخ الرواية (٢).

عباد الله .. ما أكثر المنافقين وهم الأقلون، وما أجبرهم وهم الأذلون، وما أجهلهم وهم المتعالمون، وما أغرّهم بالله إذ هم بعظمته جاهلون {ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون} (٣).


(١) سورة البقرة، الآية: ١٣.
(٢) انظر السيرة لابن هشام ٢/ ١٠٥، وتفسير ابن كثير ٨/ ١٥٣.
(٣) سورة التوبة، الآية: ٥٦، المدارج ١/ ٣٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>