للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب وقالت: يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. قال أبو هريرة: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته وأنا أبكي من الفرح. الحديث رواه مسلم في «صحيحه» (١).

تلك نماذج من فرح المؤمنين -وهي بكل حال متعلقة بمعالي الأمور، وخدمة الدين، ومصالح المسلمين، وفرحتهم في الدنيا موصولة بفرحهم في الآخرة: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (٨) وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا} (٢).

أيها المؤمنون: أما أهل الكفر والكبر والخيلاء فهم يفرحون، لكن بم يفرحون؟ وما عاقبة فرحهم؟ إنه فرح بمتاع الدنيا والله يقول: {وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ} (٣).

وهو فرح يعقبه الحسرة والندامة والإبلاس {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (٤٤) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (٤).

وقارون من نماذج الفرحِين البطرين، وقد قال له الناصحون: {لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} (٥). وحين استمر في كبريائه وفرحه المذموم، خسف الله به وبداره الأرض: {فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ} (٦). وليس له وأمثاله في الآخرة من خلاق {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا


(١) النووي ١٦/ ٥١ - ٥٢.
(٢) سورة الانشقاق: الآية ٧ - ٩.
(٣) سورة الرعد: الآية ٢٦.
(٤) سورة الأنعام: الآية ٤٤، ٤٥.
(٥) سورة القصص: الآية ٧٦.
(٦) سورة القصص: الآية ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>