للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجل، أيُّ وضع كان يعيشه بنو إسرائيل في زمن فرعون! ومع ذلك قال لهم موسى واعدًا ومبشرًا: {اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (١)، وحين اعترضوا عليه بالأذى الذي لحقهم، وكأنهم استبعدوا تَغيُّر حالهم -قال لهم نبيهم: {عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} (٢).

وتحقق وعدُ الله وانتصر المُستضعَفون، وأهلك اللهُ الظالمين: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} (٣).

وتأمل في قصةِ العنتِ والأذى، ورحلةِ الإضعافِ والاستذلال، ثم ما أعقبها من نصر وتمكين، يُخبر عنها الرحمن الرحيم، ويسوقها القرآنُ في بضع آياتٍ تسلية لمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وللمؤمنين من بعدهم، ويقول تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٤) وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (٥) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ} (٤).

وحين بُعث المصطفى صلى الله عليه وسلم وأشرق نور الإسلام في مكة، لم يكن طريقهُ محفوفًا


(١) سورة الأعراف: الآية ١٢٨.
(٢) سورة الأعراف: الآية ١٢٩.
(٣) سورة الأعراف: الآية ١٣٧.
(٤) سورة القصص: الآيات ٤ - ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>