بل لقد قَسَّم أَهلُ العلم الناسَ في الحُب والبغض إلى ثلاثة أصناف:
الأول: من يحبُّ جملة، وهو من آمن بالله ورسوله وقام بوظائف الإسلام علمًا وعملًا واعتقادًا، وأخلص في أفعاله وأقواله لله، وانقاد لأوامره، وانتهى عن نواهيه.
الثاني: من يحبُّ من وجهٍ، ويُبغض من وجهٍ، فهو المسلمُ الذي خلط عملًا صالحًا وآخر سيئًا، فيحب ويوالى على قدر ما معه من الخير، ويبغض ويعادى على ما معه من الشر.
الثالث: من يبغض جملةً، وهو من كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ولم يؤمن بالقدر خيره وشره، وأنكر البعث أو شيئًا من أمور الدين الثابتة، أو استحلّ ما عليه أهلُ البدع والأهواء المضللة .. فليفهم هذا جيدًا.
أيها المسلمون: والموفقُ من وفَّقه اللهُ لطاعتهِ وحسنِ عبادتهِ، وهل علمتم أن توفيق العبد لذلك دليلُ محبة اللهِ له، وإذا كان اللهُ يعطي الدنيا من أحبَّ ومن لم يحب، فاللهُ لا يُعطي الدين إلا من أحبَّ ..
وثمة علامةٌ أخرى لمحبة الله للعبد، وذلك بإشاعةِ حبِّه بين الناس. روى البخاري في «صحيحه» عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أحبَّ اللهُ العبدَ نادى جبريلَ: إن اللهَ يُحبُّ فلانًا فأَحِبُّوه، فيحبه أهلُ السماءِ، ثم يوضعُ له القبولُ في الأرض»(١).
(١) كتاب التوحيد، باب كلام الرب مع جبريل: ١٣/ ٣٨٧.