للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} (١).

واستمر للصلاة وزنُها وقيمتُها عند الأخيار على تعاقب الأجيال، واعتبرها العلماءُ ميزانًا لأخذ العلم عن الرجال أو تركه، وهذا أبو العالية الريحاني العالمُ الثقة كان يرحل لسماع الحديثِ عند بعض أهله، فإذا وصل إلى صاحب الحديث أخذ يتفقد صلاته، فإن وجده يحسن صلاته أقام عنده، وإن وجد فيه تضييعًا رحل ولم يسمع منه وهو يقول: من ضيّع الصلاة فهو لما سواها أضيع (٢).

عباد الله: ولقد أوصى لقمان ابنه بإقام الصلاة، وليس مجرد أدائها وإقامتها، أي: بحدودها وفروضها وأوقاتها (٣).

والويلُ لمن هُمْ عن صلاتهم ساهون: {وَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} (٤)، والحذر الحذر يا عبد الله أن تكون ممن قال اللهُ فيهم: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا} (٥)، وليس من الرحمةِ للأبناء ضعفُ أمرهم بالصلاة، إذ كانوا نائمين - أو كان الجو باردًا، أو الليل قصيرًا.

أيها المسلمون: وحين يبلغُ لقمانُ في وصيته لابنه هذا المبلغ فيربِّيه على عدم الإشراكِ بالله، وعلى دوام المراقبة والخوف من الجليل ودوام الصلة والعبادة .. فهو لا يقصره على ذلك، بل يُعلمُه نشر الخير للآخرين ويقول له: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (٦)، وكذلك تُربى النفوسُ على حبِّ الخير


(١) سورة ص، الآيات: ٣٠ - ٣٣.
(٢) أبطال ومواقف، عقيلان: ١٩٢.
(٣) تفسير ابن كثير: ٣/ ٧١٠.
(٤) سورة الماعون، الآيتان: ٤، ٥.
(٥) سورة مريم، الآيتان: ٥٩، ٦٠.
(٦) سورة لقمان، الآية: ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>