للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدعوة إليه، وكذلك أثنى اللهُ على هذه الأمة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (١).

بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتحقق الفلاحُ للآمر والمأمور، وتُصان سفينةُ المجتمع من الغرق، هو علامةُ خير، ودليلُ الإيمان، وهو مؤشِّرٌ للغيرة على دين الله وحرماته، والذين يرون المنكراتِ تسري في المجتمعات، فلا تتمعَّر وجوهُهم لله .. أولئك في إيمانهم ضعف، وفي إحساسِهم نوعٌ من التبلُّد، والذين بإمكانهم أن يشيعوا الخير ويأمروا بالمعروف ثم لا يفعلوا، أولئك محرومون من فضلِ الله، فالكلمةُ الطيبةُ صدقة، ولئن يهدي اللهُ بك رجلًا واحدًا خيرٌ لك من حُمر النعم، ولئن اختص اللهُ بهداية القبولِ والتوفيق للخير، فهدايةُ الدلالةِ والإرشاد بوسع البشر أن يؤدوها، ولولا ذلك لتعطلت نصوصُ الشرع في الأمر والنهي والدعوة والجهاد في سبيل الله، فصححوا الفهم الخاطئ، وفرقوا بين هداية التوفيق والقبول، وهداية الدلالة والإرشاد.

إخوة الإيمان: وإذا تعاظم أجرُ الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، والداعين للخير والناهين عن الشر ... فذلك أمرٌ لا تطيقه بعضُ النفوس لأنه محتاج للصبر والمصابرة على التواءِ النفوس وعنادِها، وانحراف القلوب وإعراضها، ويقلُّ من الناس من يصبرُ على الأذى، تمتدُّ به الألسنة، وربما امتدت به الأيدي، أو يصبرُ على الابتلاءِ في المال أو النفسِ أو الأهل والولد عند الاقتضاء.

ولهذا لم ينس لقمانُ وصيةَ ابنه بالصبرِ على ما يصيبُه في طريق الخير: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ} (٢).


(١) سورة آل عمران، الآية: ١١٠.
(٢) سورة لقمان، الآية: ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>