للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخوة الإسلام أن تخذلوا أنفسكم وتخذلوا رجال الحسبة، وذلك بزهدكم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فمسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسؤولية كل مسلم ومسلمة - وكلٌّ بحسبه - والآثارُ المترتبةُ على تركِ الأمر والنهي أو ضعفهما تلحق بنا جميعًا، إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة للخير، والتحذير من الشر وظيفةُ الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، وهي باقيةٌ في عقبهم وأتباعهم إلى يوم الدين، هي من واجبات العلماء، والقضاة، والدعاة، وطلبة العلم، وهي من مسؤوليات رجالات الفكر والإعلام، وهي جزءٌ من رسالة المدرسِ في مدرسته والموظف في وظيفته، والتاجر في متجره، وهي من الأمانة التي استرعى الله المسلم والمسلمة في بيوتهم وبين أبنائهم وبناتهم، وذوي رحمهم وجيرانهم ... إنها استجابةٌ لدعوة محمد صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرًا فليغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان». وهي علامةُ الإيمان ومؤشرٌ للانضمام في حزب المؤمنين الذين قال الله في وصفهم: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (١) .. الآية.

إخوة الإيمان: وحين يكتملُ وازعُ القرآن ووازع السلطان ينتشر الخيرُ ويتوارى الشرُّ، ويُبلس المجرمون، وهاكم نموذجًا يتحقق فيه صدقُ الوازعين، وجرت أحداثُه أيام الخليفة العباسي المعتضد، والقصةُ طويلة كما رواها ابن كثير (٢)، وخلاصُتها: أن أميرًا تركيًّا من أعالي الدولة سطا على امرأةٍ حسناء وتعلق بها ليدخلها في منزله وهي تصيح بأعلى صوتها: يا مسلمون أنا امرأة ذات زوج، وهذا رجلٌ يريدني على نفسي، وقد حلف زوجي بالطلاق ألا أبيت إلا في منزله، فغلبها الأميرُ فأدخلها، فتحركت الغيرةُ عند رجلٍ خياط، وكان إمامًا


(١) سورة التوبة، الآية: ٧١.
(٢) البداية والنهاية: ١٠/ ١٠١ - ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>