يا أخا الإسلام: أتقدر هذا الموقف حقَّ قدره وأنت تتعامل مع الناس، ولربما أغواك الشيطان أو زين لك إخوانُ الشياطين فظننتَ أن التَّحيُّل على الخلقِ بالإساءة نوعٌ من الشطارة، وأن الغشَّ في المعاملةِ قدرةٌ فائقةٌ ... وويل لمن يأمنه الناس ظاهرًا، فإذا به يغدر بهم سرًا، وبئس أخو العشيرة من ودعه الناسُ اتقاءَ فحشِه، وأولئك شرُّ الناس منزلة عند الله، كما أخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وما أعظم الخطبُ حين تسوء أخلاق أهل الديانة والفضل والعلم، وأعظم منه حين يمارس الخطأ ... ويسوء الخُلُق وصاحبُه يظن ذلك من الدين ... وأين حسنَ الخلق من تقطيب الجبين، أو من الشدة في معاملة الآخرين، أو الثورة العارمة لخطأ يقع من جاهل في الدين أو سفيه غرّه صلفُ الشباب - وتقويمُه ليس عسيرًا، وصلاحه ليس مستحيلًا؟ وينبغي أن يُفرق بن الغيرة لدين الله، والتصرف المحمود حيال المنكر وحسن المعاملة مع المخطئ - وقد يقود الإنكار الخالي من حسن الخلق إلى وجودِ منكر أبكر ... ولقد أوحي إلى خير البرية من ربه:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}(١).
أيها المسلم: ومن حُسن خُلُقِك أن تفشي السلام على من عرفت ومن لم تعرف، وإذا كان سهلًا عليك أن تنبسط إلى أصحابك وخلانك ... فالامتحانُ في قدرتك على الانبساط مع الآخرين وحسن تعاملك معهم، وكونهم يألفونك وتألفهم، ويثقون بك ويأمنونك على أسرارهم، ولا خير فيمن لا يألف ولا يُؤلف.
إخوة الإيمان: وتعجز الحضاراتُ المادية المجردة من تعاليم السماء وهدي