وفي هذا دليلٌ على إمكانية اكتسابِ الأخلاقِ الفاضلةِ، وترويض النفس عليها.
إخوة الإسلام: وقبل أن أعرض للطرق المعينة على اكتساب الأخلاق الفاضلة، أقف عند العوامل المؤثرة على سوء الأخلاق، وكيف تتأثر القيمُ، وتنحدر الطباع.
ومن أقوى العوامل المؤثرة على سوء الخلق: ضعفُ الإيمان بالله، وضعفُ اليقين بجزاء الآخرة، وهذا الصنفُ لا يهمه حسنت أخلاقُه أم ساءت، أما الذين يرجون لقاء ربهم فيدللون على ذلك بعملهم الصالحات، والأخلاقُ جانب مهم منها.
والمتقون لو ضعفوا ومسَّهم طائف من الشيطان تذكَّروا فإذا هم مبصرون، ولا يتورع المجرمون والمفلسون عن ضرب هذا، وشتم هذا، وأكل مال هذا، والتطاول على عرض ذاك، وهكذا تتراكم سوءات الأخلاق لمن لا خلاق لهم ولا يرجون لقاء ربِّهم ولا يطمعون في رفيع الدرجات.
ومن العوامل: القرين، فله أثره على قرينه.
ومن العوامل كذلك: حبُّ الدنيا، والطمعُ فيها والجشع، وكل ذلك يعمي صاحبه عن معالي الأمور والتعامل مع الناس بالحسنى، وكم وقع بين الناس بسبب ذلك من قطيعة وخصومة وتنافر، وشحناء، ولربما تسابقوا في سوء الخلق ورديء الكلام، وأين هذا من السخاء والكرم، والصبر والحِلْمِ والتواضع والصفح، والتعاون على الخير ... وغيرها من خلال كريمةٍ لا يُلقَّاها إلا الذين صبروا، وما يلقَّاها إلا ذو حظٍّ عظيم، ولو هانت الدنيا في قلوبهم لحسنت أخلاقُهم، وساد الودُّ والوئام بينهم، وإلى الله المشتكى.
ثالثًا: ومن عوامل ضعف الأخلاق: ضعفُ الرادع، وغياب العقوبة أو