للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبأي همةٍ استقبلتم العام الجديد. والمؤملُ فيكم استقبالُ العام بجدية في التحصيل العلمي وإخلاص في طلب العلم، وتزينٍ بأخلاق العلم، وارتداء لَبُوسِ العلماء، ولا ينبغي أن يكون الهدف الأولُ والأخير من العلم الحصول على الشهادة، وتوفر الوظيفة ... فهذه وإن كانت مهمةً فالعلم أغلى وأجلُّ، ولئن دعت الحاجةُ في الدنيا إلى الوظيفة والعمل، فالحاجة أدعى إلى تعلم العلم الذي به يصل المرءُ إلى المنازل العالية في الجنة، وبالعلم النافع يعرف المرءُ ربَّه، وبه يتعلم أحكام الدين، وأدب التعامل مع الآخرين، ويكفي العلمَ فخرًا ورفعة أن يقول الله عن أصحابه: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (١)، {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (٢).

وإذا كان العلمُ يرفع بيتًا لا عماد له، فالجهلُ يهدم بيت العز والشرف.

أيها المربون أنتم مؤتمنون على التعليم وعلى رعاية المتعلمين، هيِّئوا الفُرصَ المناسبة لهم. واعتمدوا الانطلاقة من الثوابت والأصول في شريعة الإسلام، جدِّدوا في الوسائل التعليمية بما يساير العصر - واستحدثوا من البرامج التعليمية ما يجعل أبناءنا في مقدمة الركب، واجعلوا من التعليم أداةً للصمود في حرب العقائد وغزو الأفكار والقيم، فالأمة مقبلة على مستقبل مخيف، تتناوشه طروحات غريبة، ويمسك بالقيادة غير المسلمين. وفرقٌ بين تطوير التربية والتعليم بما ينفعُ الأمة في حاضرها ومستقبلها، وبين التضليل وعلمنة التعليم، فتلك هزيمةٌ مبكرّة، بل وانتقال من الاستعمار العسكري إلى الاستعمار الثقافي، وليس الآخرُ بأقلَّ خطرًا من الأول.

إنها مأساةٌ حين تختلط في أذهان بعض المثقفين أو المثقفات حتميةُ العلمنة


(١) سورة المجادلة، الآية: ١١.
(٢) سورة الزمر، الآية: ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>