عباد الله: تتوفر فرصُ الاعتكاف في هذا الزمان - فالبيوتُ قريبةٌ من المساجد، وعددٌ من البيوت فيها من الولدِ من يقوم بشؤون أهله فترة اعتكاف الأب ... أو يكون الولدُ مكفيًا عن شؤون أهله بأبيه أو إخوانه الآخرين، والبعضُ ليس لديه من مشاغلِ الدنيا ما يمنعه - شرعًا - من الاعتكاف ... ومع ذلك يقلُّ العملُ بهذه السُّنة النبوية، ويرحم الله الزهري إذ قال في زمانه: عجبًا للمسلمين، تركوا الاعتكاف مع أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله، ولربما تهيب البعض في البداية ... ولو أقدم لوجد السهولة والسعادة، ومن يتق الله يجعل له مخرجًا.
ويبدأ المعتكفُ من بعد غروبِ شمسِ اليوم العشرين، أو من فجر الواحد والعشرين، وينتهي بعد غروب شمس ليلة العيد.
أيها المسلمون ... والدعاءُ مشروعٌ في كل حين ... ولكنه في هذه الأيام والليالي أبلغُ وأسمع، سواءٌ كان المسلمُ معتكفًا أو غير معتكف، ولا سيما في الليالي التي يُتحرى فيها ليلة القدر، قال سفيان الثوري رحمه الله: الدعاءُ في تلك الليلة أحبُّ إليَّ من الصلاة، ومرادُه أن كثرة الدعاءِ أفضل من الصلاةِ التي لا يكثر فيها الدعاء، وإن قرأ ودعا كان حسنًا.
وليس يخفى أن فضل الله واسع، وهو جوادٌ كريم، وحريٌّ بالمسلم أن يسأل من خيريِّ الدنيا والآخرة، له ولأقاربه ولعموم المسلمين. ومما ورد النصُّ عليه في هذه الليالي:«اللهم إنك عفوٌّ تحب العفو فاعفُ عني»، وهنا لطيفةٌ نبّه إليها بعض العلماء في حكمة سؤال العفو بعد الاجتهاد في الأعمال، قالوا: لأن العارفين يجتهدون في الأعمال ثم لا يرون لأنفسهم عملًا صالحًا، ولا حالًا ولا مقالًا، فيرجعون إلى سؤال العفوِ كحال المُذنب المقصر (١).