وتسبحون، إلى غير ذلك من قرباتٍ تُضاعف فيها الحسنات، وتزيد المضاعفة في شهر الصيام ... وقد وجدنا ما وعدنا ربُّنا حقًا، وودنا لو ازددنا فما وجدنا غير عمل الصالحات بقي لنا يؤنسُ وحشتنا، ويرفعُ درجاتنا، وكم يُغبن بعضُكم - معاشر الأحياء - حين لا يستثمر فُرص الطاعة، ولو عرف هؤلاء ما نحن فيه لاختلاف سعيهم وتحركت هممُهم. ثم قف أيها الزائر متأملًا في الحُفر والقبور، وما تخفيه من أسرار، وما بين أصحابها من تفاوت في المنازل وإن كانوا في القبور سواء، وتصور وكأنك لحقت بهم غدًا، فماذا سيكون حالُك بينهم ... ثم لا تخرج إلا وقد سألت لهم الغفران، وسلِّهم بدعاء المسلمين لهم، ولا سيما في شهر الصيام والقيام والدعاء ... وقبل أن تخرج عاهد نفسك على أن تختار لها أحسنَ المساكن بينهم، فلا مناص لك عن سكنى هذه الدار، وثمنُ تلك الدار ليس بالدرهم والدينار ... لكنه بعمل الصالحات ... واجعل من رمضان فرصة لإحكام البناء، وتوسيع المسكن، وحبور الدار، واختم ذلك بالدعاء الصادق: اللهم بلِّغني رمضان وأعنِّي على الصيام والقيام.
أيها المسلم والمسلمة: أما الموقع الثني الذي أدعوكم لزيارته، فالمستشفيات العامة حيث يرقد على أسرَّتها البيضاء جموعٌ من المرضى يختلفون في شكواهم ... وقد يتفقون أو يتفاوتون في آلامهم ... لكن أحدًا من هؤلاء المعنيين بالزيارة - لا يستطيع الخروج - على الأقل في شهر رمضان ... وأقصد أصحاب الهمم منهم، وسلهم عن مشاعرهم حين يدخلُ شهر الصيام، ولا تستغربْ إن أجابتك العيون بالدموع قبل الألسنة بالكلام، أسفًا على عدم قدرتهم على الصيام، ومشاركة المسلمين في القيام، وحين لا تنس هؤلاء من دعوة بالشفاء العاجل وتعظيم الأجر على المرض والبلوى، فلا تنسَ كذلك أن تسليهم بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «إذا مرض العبدُ أو سافر كُتِبَ له مثل ما كان يعملُ