صحيحًا مقيمًا» (١)، وقبل أن تخرج من زيارة المريض تذكر نعمة الله عليك بالصحة والعافية، واعلم أنك مغبونٌ فيها أو مغبوط. مغبون إن فرطت وأضعت الوقت بما لا ينفع ... ومغبوط إن استخدمت الصحة واستثمرتها في طاعة الله ... ولئن كان هناك من يعيشون مع الأحياء الأصحاء وهم في عداد الموتى ... فهناك من يعيشون مع الأصحاء وهم في عداد المرضى ... وموتى الأحياء، أو مرضى الأصحاء في رمضان - هم من يدخل عليهم الشهرُ ويخرجُ ولم تتحركْ هممهم للخير، ولم تنشط أنفسُهم للطاعة، قعد بهم الشيطان عن مشاركة المسلمين في قيامهم ودعائهم، ولربما قعد ببعضهم عن الصلاة المفروضة، والصيام الواجب وهم أصحاء أقوياء! ! وصدق رسول الهدى صلى الله عليه وسلم:«نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس: الصحةُ والفراغ».
ألا فاغتنم الفرص يا عبد الله، وخذ من صحتك لمرضك، ومن شبابك لهرمك، ومن فراغك لشغلك، ومن حياتك لموتك ... وشهرُ رمضان يستحق أن تستثمر فيه الصحة والفراغ، ومن يدري، فقد يأتي عليك رمضان بعدُ وأنت طريح الفراش فتتمنى لو كنت صحيحًا معافى ... فها أنت كذلك، فماذا أنت صانع.
أيها المسلمون: أما الزيارة الثالثة فإلى أحد مواقع المسلمين المضطهدين في الجهاد ... حيث يحاصرون ويطاردون عن ديارهم ... قاذفات الطائرات من السماء، ورصاصُ المدفعيات من الأرض ... وبين نيران السماء والأرض، شدةُ الجوع حيث يقلّ الطعام، وشدة البرد حين تتساقط الثلوجُ في الشتاء، ومع ذلك كلِّه يلفُّ أهلَ تلك الديار الخوف، ويحيط بهم القلقُ، ففي كل يومٍ يفقدون