للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢١) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}.

روى أبو عبيدة بنُ الجراح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قتلت بنو إسرائيل ثلاثةً وأربعين نبيًا من أول النهار في ساعة واحدة، فقام مئةُ رجل واثنا عشر رجلًا من عُباد بني إسرائيل فأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، فقُتلوا جميعًا في آخر النهار من ذلك اليوم، وهم الذين ذكرهم الله في هذه الآية» (١).

وما أسوأ المجتمع إذا تحول إلى هذا النموذج السيّئ ولذا روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «بئس القومُ قومٌ يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، بئس القومُ قومٌ لا يأمرون بالمعروف، ولا ينهونَ عن المنكر، بئس القوم قوم يمشي المؤمن بينهم بالتقية» (٢).

والقرآن يُحذر من هذه النماذج حين عرضها، ويحذر من الرضا عن أصحابها، وإن لم يفعلوا كفعلهم، ولهذا وقف القرطبي عند هذه الآية - بعد أن ساق النصوص السابقة متسائلًا، فإن قال قائل: الذين وُعظوا بهذا لم يقتلوا نبيًا. فالجواب عن هذا: أنهم رضوا فعلَ من قتل فكانوا بمنزلته.

رابعًا: أمدُ الدعوةِ وأثرُها ... وعلى الدعاةِ ألا يحددوا زمنًا لأثرِ دعوتهم، فأمدُ الدعوة قد يطول، وآثارها قد لا تظهر إلا بعد حين، وحسب الدعاة أن يتسلوا بقوله تعالى عن نوح عليه السلام: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} (٣).

وفي هذه القرونِ المتطاولة من أول الرسل عليه السلام كانت الدعوةُ مستمرةً ليلًا ونهارًا، سرًا وعلانية.


(١) تفسير القرطبي: ٤/ ٤٦.
(٢) تفسير القرطبي: ٤/ ٤٦.
(٣) سورة العنكبوت، الآية: ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>