للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إخوةَ الإسلام: والعقوباتُ في الإسلامِ لا يُرادُ منها التسلّطُ على الأفراد، وليس فيها ظلمٌ لهم، وليست أكبرَ من جرائمِهم .. أجل لقد أحكمَ اللهُ سبحانه وجوهَ الزجرِ الرادعةِ عن هذه الجناياتِ غايةَ الإحكام، وشرَعها على أكملِ الوجوهِ المتضمنةِ لمصلحةِ الردعِ والزجرِ، مع عدم المجاوزةِ على الجاني، فلم يشرعْ في الكذِبِ قطعَ اللسانِ، ولا في الزنا الخِصاءَ، ولا في السرقةِ إعدامَ النفس، وإنما شرعَ لهم ما تزولُ به النوائبُ وتنقطعُ الأطماعُ، وما تكون سبيلًا إلى أن يقنَع كلُّ فرد بما قسمَ اللهُ له (١).

إن أحكامَ اللهِ وحدودَه تؤمّنُ للناسِ الانتظامِ في عيشِهم، وتدفعُ عنهم الأضرارَ من غيرهم، يقول ابنُ القيم رحمَه اللهُ: «ولولا عقوبةُ الجُناةِ والمفسدينَ لأهلكَ الناسُ بعضُهم بعضًا، وفسدَ نظامُ العالَم، وصارتْ حالُ الدوابِّ والأنعامِ والوحوشِ أحسنَ من حالِ بني آدم» (٢).

أيّها المسلمون: وإذا كانت مسئوليةُ الأمنِ تحظى باهتمامِ الدولةِ - وفقها الله - بكافةِ أجهزتِها وقطاعاتِها، ويشهدُ المواطنونَ والمقيمونَ آثارَها، فينبغي أن نكونَ جميعًا عونًا لها في تحقيقِ هذا المطلبِ الضروريِّ للحياةِ والأحياء، فلا نتسترُ على مجرم، ولا نعينُ ظالمًا على ظلمِه، ولا نسمحُ لمن يريدُ أن يُخِلّ بالأمن، أو يهددَ الكرامة، أو يستهينَ بالخُلقِ الكريمِ، بل يجدرُ بنا أن نكونَ جميعًا حُرّاسًا أوفياءَ للفضيلةِ، وعيونًا ساهرةً لمحاصرةِ الجريمةِ، وكشفِ أوكارِ المفسدين.

وإنَّ من السلبيةِ أن نرى أو نعلمَ ما يُخلُّ بالأمنِ ثم نتخلّى عن المسئوليةِ؛


(١) ابن القيم «إعلام الموقعين» ٢/ ١١٤، باختصار وتصرف يسير، وانظر «المسئولية الخلقية» أحمد الحليبي ٤٦٧.
(٢) إعلام الموقعين ٢/ ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>