عبادَ الله: إن مسئولِيّتَنا الشرعيةَ والخُلقيةَ والوطنيةَ توجبُ علينا المساهمةَ في الحفاظِ على الأمن، وردعِ وفضحِ من تُسوِّلُ لهم أنفسُهُم العبثَ بأمنِ البلادِ والعبادِ، وينبغي ألا تَجُرَّنا العواطفُ للتسامحِ والتساهل، أو الوساطةِ للمجرمين، أو الشفاعةِ في الحدود.
لقد عدَّتِ الشريعةُ الإسلاميةُ الشفاعةَ في إسقاطِ الحدِّ، أو العدولَ عنه، جَوْرًا مُهلِكًا، وقال صلى الله عليه وسلم مُنكِرًا على أسامةَ بن زيدٍ رضيَ اللهُ عنهما شفاعَتَه في إسقاطِ حدِّ السرقةِ عن المخزوميةِ التي سرقتْ، وأَهَمَّ قريشًا أمرُها:«أتشفعُ في حَدٍّ من حدودِ الله؟ ! ». ثم قامَ خطيبًا في المسلمين - يعلِّمُهم ومَن وراءَهم من المسلمين - كيف يكون العدلُ ويقول:«أيها الناسُ، إنما ضلَّ من كان قبلَكُم أنهم كانوا إذا سرقَ الشريفُ تَركُوه، وإذا سرقَ الضعيفُ فيهم أقاموا عليه الحَدَّ، وأيمُ اللهِ، لو أنّ فاطمةَ بنتَ محمدٍ سرقتْ لقطعَ محمدٌ يدها»(١).
إخوةَ الإسلام: إن الحديثَ عن الأمنِ والمساهمةِ في توفيرهِ ينبغي أن تشاركَ فيه المؤسساتُ التربويةُ والعلميةُ، والأجهزةُ الإعلاميةُ، فضلًا عن الأجهزةِ المعنيةِ بالأمن، ينبغي أن يكونَ همًّا يُحِسُّ به الأولياءُ ويتحسّبُ لآثاره الأبناءُ، وإذا تميزَ أبناءُ المجتمعاتِ الإسلامية بشعيرةِ الأمرِ بالمعروف والنهي عن المنكرِ عن المجتمعاتِ الأخرى، فينبغي أن تُستثمرَ هذه الشعيرةُ العظيمةُ في تحقيقِ الأمنِ وكفِّ المجرمينَ.
إننا - بحمد الله - نعيشُ في هذه البلادِ حالةً أمنيةً لا نظيرَ لها في عالم اليوم، وإن وُجِدَتْ أحداثٌ وقضايا تُخلّ بالأمن أحيانًا فتلكَ - مع عدمِ خُلوّ مجتمع
(١) رواه البخاري في «صحيحه» كتاب الحدود، باب كراهية الشفاعة في الحدِّ، برقم (٦٧٨٨)، ومسلم في «صحيحه» كتاب الحدود، باب قطع السارق الشريف والنهي عن الشفاعة في الحدود، برقم (١٦٨٨) كلاهما من حديث عائشة رضي الله عنها.