ومنافقين غرَّهم الشيطانُ وغرّتهم أنفسُهم، وظنوا أنهم يُخادعون اللهَ والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسَهم وما يشعرون، وهؤلاء حكَمَ اللهُ بأنهم في الدّرْك الأسفلِ من النار، ولن تجدَ لهم نصيرًا، إلا من تابَ وآمنَ وأصلحَ.
وفئةٍ ثالثةٍ: كفّارٍ معاندين صُرَحَاءَ في محاربتِهم لله ورسولِه، وهؤلاء لهم نارُ جهنمَ خالدين فيها لا يُقضى عليهم فيموتوا ولا يُخفّف عنهم من عذابها، كذلك يجزي اللهُ كلَّ كفور.
أمةَ الإسلام: وعاش رسولُ الهدى صلى الله عليه وسلم في سبيل إقرارِ هذا الدِّين ونشرِه في العالمِين حياةَ الزهدِ والكَفَافِ - ولو شاء أن تُسيَّلَ له الجبالُ ذهبًا لسالت - ولكن آثرَ أن يشبَع فيشكرَ ويجوعَ فيذكرَ، واجتمع عليه وعلى أصحابه رضوانُ الله عليهم شدةُ الجوع وشدةُ الخوفِ، وربط على بطنِه حَجَرين من شدة الجوع، في وقتٍ زاغتِ الأبصارُ وبلغتِ القلوبُ الحناجرَ، وظُنَّ بالله الظنون .. هنالك ابتُلي المؤمنونَ - ومحمدٌ صلى الله عليه وسلم قائدُهم - وزُلزلوا زلزالًا شديدًا، ويصف طرفًا من هذه الشّدة - في يوم الخندق والأحزاب - حذيفةُ بنُ اليمان رضي الله عنه للرجل الكوفي الذي قال له: يا أبا عبد الله، أَرأيتم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وصحبتُموه؟ قال: نعم يا ابنَ أخي، قال: فكيف كنتم تصنعون؟ قال: واللهِ لقد كنّا نَجْهدُ. قال: فقال الكوفي: واللهِ لو أدركناه ما تركناهُ يمشي على الأرض ولحمَلْناه على أعناقِنا، قال: فقال له حذيفةُ: يا ابنَ أخي لعلك لا تدري لو أدركتَ رسولَ اللهِ ما تصنع؟ ثم ساق طَرَفًا من مواقفِ الشدةِ التي مرّت بهم ورسولُ اللهِ يُنادي في المسلمين:«مَنْ رَجُلٌ يقومُ فينظرُ لنا ما فعلَ القومُ، ثم يَرجعُ، أسألُ اللهَ أن يكونَ رفيقي في الجنةِ؟ » فما قام أحدٌ من القوم من شدّةِ الخوفِ وشدّةِ الجوع وشدّة البَرْدِ .. حتى دعاني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فلم يكن لي بُدٌّ من القيام .. إلى آخر القصةِ التي رواها ابنُ