للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحياةِ عَبَثًا، ولن تُترَكوا هَمْلًا، راجعوا أنفُسَكم وتهّيئوا لِمَا أمامكم، وانظروا في الزاد الذي تَرِدُن به على ربِّكم .. إن حُبّ سماعِ أصواتِ الغناءِ، وحُبَّ آي القرآن في قلب امرئٍ لا يجتمعان؟ وإن الغناءَ رُقيةُ الزنا، وأَيُكم يُطيق أن يُصَبَّ في أُذنيه الآنُكُ يومَ القيامة (الرصاص المُذاب) وأيّكم يستعيضُ بسماع الغناءِ في الدُّنيا عن سماع الروحانيين في الآخرةِ، والروحانيون - كما قيل - قُرّاءُ أهلِ الجنة (١) أيّكم يَرْغَبُ سماعَ أصواتِ الحُمْقِ والفُجور؟ وهل عَلِمتم أنّ صوتَ الغناءِ منها، جاء في «صحيح سنن الترمذي» قولُه صلى الله عليه وسلم: «ولكن نُهيتُ عن صوتيْنِ أَحمقيْنِ فاجِرَيْنِ صوتٍ عند مصيبةٍ، خمشِ وُجوهٍ وشقِّ جيوبٍ، وَرنّةِ الشيطان» (٢). وفي رواية «صوتان ملعونان فاجران أنهى عنهما: صوت مزمار ورنّةُ شيطانٍ عند نَغمةٍ ومَرَح، ورنّةٌ عند مصيبةٍ: لطمُ خدودٍ وشقُّ جيوبٍ» (٣).

يا عبدَ الله: كيف بك بالجواب عند السؤالِ عما سَمِعَتْه أُذناكَ في الدُّنيا والله يقول: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (٤).

إن بابَ التوبةِ مفتوحٌ، وربُّنا كريم ونداؤه مستديمٌ {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٥).

وإذا تاب غيرُ المسلمين ورجعوا إلى ربِّهم، أفليسَ المسلمون أولى بالتوبةِ والرجوع، وبقدرِ ما نسمعُ من تطاوُلِ المغنيين أحيانًا - نسمع عن توبةِ آخرين، وكم نَسعدُ ونفرحُ لتوبةِ هؤلاء، أو لتوبة غيرِهم ممن بُلي بسماعِ الغناء، ولو


(١) انظر «تفسير القرطبي» ١٤/ ٥٣، ٥٤.
(٢) صحيح سنن الترمذي ١/ ٢٩٥، ح (٨٠٤).
(٣) ذكره القرطبي وعزاه إلى الترمذي وغيره، التفسير ١٤/ ٥٣.
(٤) سورة الإسراء، الآية: ٣٦.
(٥) سورة النور، الآية: ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>