هم مبصرون، ومن يتقِ اللهَ يجعل له مخرجًا ويرزُقْه من حيثُ لا يحتسبُ .. ورمضانُ فيه عِظةٌ وذكرى لوحدةِ الأمةِ واجتماع كلمَتِها، وإذا توحَّدوا على الصيامِ في شهرٍ مخصوص، ولزموا الصيامَ من طلوعِ الفجرِ وأفطروا حين الغروب .. لا يتخلُف منهم أحدٌ عن هذا النظامِ الربانيِّ الموحَّد - إلا من عُذْرٍ أو مرضٍ - أفينبغي لهم أن يختلفوا بعد ذلك وتتفرقَ كلمتُهم، ويشمتَ بهم أعداؤهم .. وفي أعظمِ قضاياهم يسومُهم اليهودُ والنصارى سوءَ العذابِ، ثم لا يَدْعوهمُ ذلك إلى جمعِ طاقاتِهم وتوحيدِ صفوفِهم، والانتصارِ لقضيتهم، والدفاعِ عن إخوانهم المظلومينَ في كلّ مكان؟
أيّها المسلمونَ: إن الشعورَ بآلام المسلمينَ والتخفيفِ من معاناةِ المحرومينَ مطلبٌ مشروع، وكم للحروبِ من ويلاتٍ! وكم للدمارِ الشاملِ من آثارٍ! وويحَ أمةٍ يموتُ من أطفالها - في قطرٍ واحد - أكثرُ من ستةِ آلاف وخمس مئة طفل شهريًا نتيجةَ الجوعِ والمرض، ثم هي لا تدري، أو تلوذُ بالصمتِ المخزي!
أيصدِّقُ العقلُ أن سبعين بالمائة من شعبِ العراقِ المسلمِ ليسَ بإمكانهم شراءُ الغذاءِ الضروريِّ، وقد اضطروا إلى بيعِ أثاثهم حتى أبوابِ المنزلِ ونحوها لتأمينِ الحاجةِ الضروريةِ من الغذاء، وفي أحد تقاريرِ الأممِ المتحدةِ تقريرٌ يقول: إن أكثرَ من ٢٩% من أطفالِ العراقِ الأبرياءِ حتى السنةِ الخامسةِ من عمرهم يعانونَ من سوءِ التغذية، وإن ٧٠% من النساءِ الحواملِ يعانينَ من فقرِ الدمِ الشديد، وإن النقصَ في الغذاءِ قد أدى إلى إحداثِ أضرارٍ جسيمةٍ وعقليةٍ لا يمكنُ إصلاحُها في جيلٍ كاملٍ من أطفالِ العراق - إلا أن يشاء الله - (١).
أين أغنياءُ المسلمينَ عن مآسي إخوانِهم؟ وأين المفكرونَ؟ وأين أصحابُ