٤ - معاشرَ الشباب: وكم نُسرُّ حين نرى شابًّا أو شابةً ملتزمين، ولكن كم نتألمُ حينَ نرى الالتزامَ بصورةٍ مشوهةٍ لما أمر به الإسلامُ من أخلاقٍ وآدابٍ وعلمٍ وعملٍ وذوقٍ وجمال .. إن الالتزامَ الحقَّ ليس مظاهرَ فارغةً من مضمونها، ولا مجردَ انتماءٍ أو ادِّعاءٍ .. وكم يُسوءُكَ حينَ ترى ملتزمًا سلبيًّا لا يعيش همومَ أُمَّتِه .. ولا يفكِّر في المساهمةِ في إصلاح مجتمعه، وقد ترى حوله ثُلةً من الشبابِ المنحرفِ فلا يُحدثُ نفسَه بنُصْحِهم، وربما كان في طريقه إلى المسجدِ مجموعةٌ من شبابِ الأرصفةِ أو مجموعةٌ من العمالةِ منهمكينَ في العمل وقت الصلاة، فلا تراه يُذكّرُ هؤلاء وأولئك .. وكم يسوءُكَ كذلك أن تسمعَ عن هذا الشابِّ الملتزمِ أنه شُعلةٌ من النشاط والخدمةِ مع زملائِه فإذا كان في البيتِ كان مثالًا للكسلِ والخمول .. إنْ دعاه والداه لعملٍ أو قضاءِ حاجةٍ تبرَّمَ وتضايقَ، وإن قامَ بها قامَ مُجامِلًا كسولًا، وهو مع إخوتِه وأخواتِه نموذجٌ لسوءِ الخُلقِ، فهذا ينهرُه وذاك يضربه والكلّ يفرحُ بخروجه من البيتِ ويتضايقُ حين يسمعُ بمجيئه .. وأنّى لهذا الشابّ أن يقدمَ الدعوةَ لأهل بيتِه، ولو حاولَ وهو بهذه المثابةِ من الخلقِ، فأنّى لمن حوله أن يستجيبَ له .. هو في خارج المنزلِ كثيرُ الحديثِ عن أهميةِ التبكير للصلاة، ولكنه إذا نامَ في البيتِ كان شغلَ أهلهِ في الإيقاظ .. وربَّما قضى الصلاةَ كثيرًا في المنزل، هو اجتماعيٌّ منطلقٌ مع زملائه، لكنه مع شبابِ أسرتهِ وعشيرتِه نموذجٌ للانطوائيةِ والسلبيةِ.
فهل مثلُ هذا سَوِيٌّ أم معوَّق؟
وللحقِّ فإنّ عددًا من الشبابِ والشاباتِ الملتزمينَ والملتزماتِ يربأونَ بأنفسِهم عن هذه الازدواجية في الأخلاقِ والمعاملةِ وفيهم نماذجٌ للذوقِ الرفيعِ والخُلُق الكريم، ولكنَّ الحديثَ هنا موجهٌ إلى فئةٍ من المعوَّقينَ لكنْ من نوعٍ آخر!
إنه حديث عن فئةٍ محسوبةٍ على الشبابِ الأخيارِ، لكنّ حياتَه وبرنامَجَه