كلماتٌ لا نحسِب لها حسابًا، وقد توردُنا المهالكَ، وكم نبيعُ أغلى ما نملك - وهو الوقت بأبخس الأثمان! ! فنَفرحُ إذ نُزجيَه بالقيل والقال، والانبساط مع الأصحاب والشِّلل، دون فائدة تُذكرُ، والأدهى والأمَّرُّ إذا كان قضاءُ الأوقاتِ بما يَضُرّ في الدين والدنيا. إنك لتعجبُ غايَةَ العجب حين ترى من السلف عنايةً فائقةً بأوقاتِهم واستثمارها بما ينفعُ، إلى حدٍّ كانوا يُقلِّلون أوقاتَ الأكل، أو يعملون وهم يأكلون؟ وهذا أحدُهم يقول: وأنا أُقَصِّرُ بغايةِ جَهدي أوقاتَ أكلي حتى أختارَ سفَّ الكعكِ وتحَسِّيه بالماء على (أكل الخبز) لأجل ما بينهما من تفاوتِ المَضْغ، توفُّرًا على مطالعةٍ أو تسطيرِ فائدةٍ لم أُدركْها (١).
أيها المسلمون: وإذا كان الحديثُ يَطيب عن الوقت وأهمِّيتِه في حياة المسلم - في كلِّ وقتٍ - فماذا يُقال في الحديث عن الوقت في الإجازاتِ حين تُغلقُ المدارسُ، وتبدأ الإجازاتُ وتكثرُ السّفرياتُ؟
إن مجموعةً من التساؤلات تَرِدُ وتحتاج إلى إجابةٍ صادقة وواقعيةٍ، فإلى أيِّ شيءٍ يتطلّع جمهورُ الشباب في قضاء الإجازة؟ وبماذا تُفكّر الفتياتُ في استثمار وقتِ الفراغ؟ وماذا يدور في مخيّلةِ الأولياء نحو قضاءِ الإجازة، ما هي البرامجُ التي تتبناها المؤسساتُ التربويةُ وتسهمُ بها في استصلاح الشباب واستثمار أوقاتِ فراغِهم في عطلة الصيفِ؟ وهل تُعنى وسائلُ الإعلام ببرامجَ مفيدةٍ، وخاصةً في الإجازة لشريحةٍ مهمةٍ في المجتمع، بها تَصقلُ عقولَ الناشئةِ وتُحصِّنهم بإذن الله من التياراتِ الوافدةِ، وتملأُ فراغَهم بالنافع المفيدِ؟
ما الوسائلُ المشروعةُ التي يفكّر أصحابُ الأموالِ في استثمارها، حيث يسافرُ الناسُ ويحتاجون إلى خدمات؟
(١) هو أبو الوفاء علي بن عقيل، انظر «ذيل طبقات الحنابلة» ١/ ١٧٧ نقلًا عن: أين نحن من أخلاق السلف الجليل، عقيل/ ١٣١.