للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معاشرَ الشبابِ: وتلك هي الوصيةُ الثالثةُ لكم، وهذا حكمُ العاجزِ عن النكاح - لسببٍ أو لآخرَ - أمرَه الله أن يستعِفَّ، أي: يكفَّ عن المحرَّم، ويفعلَ الأسبابَ التي تكفُّه عنه، من صرف دواعي قلبه بالأفكار التي تخطرُ بإيقاعِه فيه (١).

معاشرَ الشباب: ومهما بلغت دواعي الشهوةِ، ومثيراتُ الفتنِ، ووسائلُ الإغواءِ والإغراءِ، فمن يتَّقِ اللهَ يجعل له مَخرجًا، ومن يَستعفَّ يُعفَّه اللهُ، ومن يستغنِ يغنِه اللهُ.

وما أروع المسلمَ - عمومًا والشبابَ خصوصًا - وهو يتعالى عن مثيراتِ الفتنةِ، ويحفظُ فرجَه عن الحرام، ويستخدمُ نظرَه في الحلال.

قال العارفون: إن العبدَ إذا حفظ فرجَهُ وبصرَه عن الحرام ومقدِّماتِه مع دواعي الشهوةِ، كان حفظُه لغيره أبلغَ، ولهذا سمّاه اللهُ حافظًا: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} (٢). واعتبر ذلك من صفات المؤمنين.

إنّك لتُسَرُّ غايةَ السُّرور حين ترى طائفةً من الشباب يغضّون أبصارَهم تعفُّفًا وحياءً، وتستحي النساءُ المتبرجاتُ منهم بل تخافُهُم، فضلًا عن أن تُراودَهم على أنفسِهم، مع أن هؤلاء الشبابَ في مرحلةِ هَيَجان الغريزةِ، ولديهم رغبةٌ في النساء، لكنه العفافُ كَفَّهم وآثارُ الصلاح والتُّقى، به اللهُ حرَسَهم، اللهم زِدهم عفافًا وتُقًى، وأَغنهم من فضلك، وعوِّضهم بالحلال عن الحرام ..

وإذا كان ربُّك يَعجبُ من شابٍّ ليست له صبوةٌ، فأحَدُ الثلاثةِ الذين لا يُكلِّمهمُ اللهُ يومَ القيامةِ ولا يُزكيِّهم ولا يَنظرُ إليهم .. شيخٌ زانٍ (٣)، وفي مقابل


(١) السعدي: تفسير كلام المنان ٥/ ٤١٥.
(٢) سورة المؤمنون، الآية: ٥.
(٣) رواه مسلم في «صحيحه» برقم (١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>