العودةَ إلى منازلِهم في البوسنة -على أثرِ تدميرِ الحرب وتشريدِ الشعوب.
إخوةَ الإيمان: والمآسي هناك تَعصُر الفؤادَ، ووحشيةُ الصِّرب والكُرْوات والنصارى تظهرُ في أكثرَ من اتجاه .. ولئن نسي العالَمُ أو تناسَوْا هذه المآسيَ والجرائمَ، فلن ينسى المسلمون عامةً ومسلمو البوسنة والهرسكِ على وجه الخصوص تلك المذابحَ الجماعيةَ الغادرة التي تمَّت بتواطئٍ وتخطيطٍ من المجرمين، وما مذبحةُ (سربرنتسا) إلا نموذجًا لهذا الغدرِ الأثيم، فقد كانت مُحصّلةُ القتلى في هذه الحادثةِ وحدَها عشرة آلاف وأربعمائة قتيل وقتيلة، في مدةٍ لا تتجاوزُ الأسبوع! وفي هذه المذبحةِ غابتْ شِعاراتُ حقوقِ الإنسان عند الغربِ، بل وغاب معها قِيَمُ الغرب التي طالما تبجَّح بها، والسببُ أن العنصرَ الخاسرَ مسلمون حتى ولو كانوا أوربيين؟ لكن حقوق هؤلاءِ المسلمين المظلومين محفوظةٌ عند المسلمين، وجزاؤُهم وأجرُهم عند ربِّ العالمين.
أيها المسلمون: وبرغمِ هذه الويلاتِ والخسائرِ المُرَّة لهجمةِ النصارى على المسلمين، إلا أن الأحداث برُمَّتِها لم تكن شرًا محضًا، بل كان في ثناياها من الخيرِ ما يحمل البِشرَ، والفأْلَ لحاضرِ المسلمين في البوسنة والهرسك ومستقبلِهم بإذن الله .. وهنا يَردُ السؤال .. وما هي الآثارُ الإيجابيةُ والمبشِّراتُ الإسلامية في أرضِ البوسنة والهرسك:
١ - لقد كان من أبرزِ هذه الآثارِ معرفةً عددٍ من المسلمين في العالم بإخوانٍ لهم في العقيدةِ في البوسنة والهرسك، وتعاطُفِهم معهم بالدَّعم والدعاءِ، وهذا في حدِّ ذاتِه مكسبٌ لإحياءِ مشاعرِ المسلمين وترابُطِهم إذا استمرَّ وأُنجِز.
٢ - وفي نفوسِ البوسنيين أَيقظتِ الحربُ بويلاتِها وشراسةِ النصارى وحِقْدِهم كوامنَ العقيدة في النفوس، فعادوا يتذكَّرون هويتَهم المفقودةَ ردحًا من الزمن، وبدؤوا يعدون إلى دينِهم ويعتزُّون بإسلامهم، في مقابلِ تعصُّب النصارى لدينِهم