للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أينَ فرعونُ ذو الأوتادِ؟

أينَ فرعونُ ذو الأوتادِ؟ وأينَ قارونُ صاحبُ الأموالِ؟ أينَ عادٌ التي لمْ يُخلَقْ مثلها في البلادِ؟ وأينَ ثمودُ الذينَ جابُوا الصخرَ بالوادِ؟ لقدْ أهلكَ اللهُ {عَادًا الْأُولَى (٥٠) وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى (٥١) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى (٥٢) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى} (١) .. {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى} (٢).

عبادَ الله: إنَّ المسلمَ حينَ يتأملُ واقعَ اليومِ بحروبهِ الشاملةِ، وتدميرِه المتعدِّدِ المواقعِ والأشكالِ .. فهناكَ تدميرٌ للممتلكاتِ، وهناكَ تدميرٌ للقِيَمِ .. وفوقَ هذا وذاكَ هناكَ تدميرٌ للإنسانِ نفسِهِ، وفي كلِّ يومٍ تُزهقُ أرواحٌ بريئةٌ، وتُغتالُ البسمةُ على شفاهِ الأطفالِ والنساءِ والشيوخِ والعجائزِ، وكلُّ ذلكَ ترعاهُ دولٌ عظمى - إنَّ المسلمَ حينَ يتأمَّلُ هذا الواقعَ المرَّ يَروعُهُ ذلكَ، لكنهُ يخرجُ بنتيجةٍ مفادُها أنَّ الحضارةَ القائدةَ للعالمِ اليومَ ليستْ على مستوى مسؤوليةِ القيادةِ، فهيَ عاجزةٌ عنْ تأمينِ الأمنِ والطمأنينةِ - رغم إمكاناتِها الماديةِ الهائلةِ - وهيَ أعجزُ عنْ تأمينِ السعادةِ الحقَّةِ لبني البشرِ .. وإنْ وفَّرتْ لهمْ منْ وسائلِ التقنيةِ والترفيهِ ما لمْ يتوفَّرْ مثلُه منْ قبلُ، بلْ وهيَ عاجزةٌ عنْ تحقيقِ أدنى درجاتِ العدلِ .. وإنْ توفَّرَ لها منَ المنظَّماتِ والهيئاتِ ما تدَّعي بهِ توفيرَ العدلِ - كمحكمةِ العدلِ الدوليةِ، ومجلسِ الأمنِ، وهيئةِ الأممِ المتحدةِ، وسواها منْ منظَّماتٍ وهيئاتٍ لا تعدُو أن تكونَ الألقابُ مملكةً في غيرِ موضعِها:

كالهرِّ يحكي انتفاخًا صولةَ الأسدِ

وعلى المسلمينَ أن يُدرِكوا مسؤوليتَهمْ في القيادةِ، وأنْ يهيِّئوا أنفسَهمْ للصدارةِ.


(١) سورة النجم، الآيتان: ٥٠ - ٥٣.
(٢) سورة النجم، الآية: ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>