للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (٣٨) وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (٣٩) فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (١).

إخوةَ الإيمان: وحين يُقالُ: إن النمرودَ بنَ كنعانَ أحدُ الملوكِ الأربعةِ الذين ملكوا الدنيا، فمن المؤكدِ أن الذي حاجَّ إبراهيمَ عليه السلام في ربِّه وصل غرورهُ وكبرياؤُه إلى حدٍّ قال فيه لإبراهيم: «أنا أُحْيي وأُميت»، وكُتبُ التفسير تشيرُ إلى نهايةٍ مؤلمةٍ لهذا الملكِ الجبّار، وفيها عِظَةٌ وعِبرة، نقل ابنُ كثير: قال زيدُ بن أسلمَ: وبعثَ اللهُ إلى ذلك الملكِ الجبارِ مَلَكًا يأمرُه بالإيمان بالله فأَبى عليه، ثم دعاه الثانيةَ فأَبى ثم الثالثةَ فأَبى، وقال: اجمعْ جموعَك وأجمعُ جموعي، فجمع النمرودُ جيشَه وجنودَه وقتَ طلوعِ الشمس، وأرسل اللهُ عليهم بابًا من البعوضِ بحيثُ لم يَرَوْا عينَ الشمس، وسلَّطَها عليهم، فأكلتْ لحومَهم ودماءَهم وتركتهم عِظامًا بادية، ودخلت واحدةٌ منها في مَنخِرَي الملِك فمكثتْ في منخريهِ أربعمائةِ سنةٍ، عذَّبه اللهُ بها فكان يضربُ رأسَه بالمِرْزاب في هذه المدةِ كلِّها حتى أهلكه اللهُ بها (٢).

عبادَ الله: تأملوا فالفرقُ كبيرٌ بين رجلٍ يدَّعي الربوبيةَ وبين بعوضةٍ يتسع لدخولها المَنخِرُ، والمسافةُ هائلةٌ بين الدعوى الجائرةِ وبين النهاية بهذه البعوضةِ؟ وكذلك يمحَقُ الله الكافرين ويُنهي الظلم وينتقمُ من الظالمين.


(١) سورة العنكبوت، الآيات: ٣٨ - ٤٠.
(٢) تفسير ابن كثير، ١/ ٤٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>