٥ - ومن توظيفِ الأحداثِ الواقعة تعميقُ الوعي في نفوسِ المسلمين وذلك بتحديدِ طبيعةِ المعركةِ وهويَّتِها، وطبيعةِ الأعداءِ وَمكْرِهم وأهدافهم والشعورِ بمُصابِ المسلمين ومآسيهم ومواساتِهم ونُصْرتهم، والموازنةِ بين المكاسبِ والخسائر، وتَجْليةِ حقيقة النصر ومفهومِ الهزيمة، إنَّ من الموازناتِ التي ينبغي أن لا تغيبَ عن المسلمين أنَّ مسلمًا يُقتَلُ بغير حقٍّ بل ظلمًا وعدوانًا - رجلًا كان أو امرأةً، طفلًا أو كبيرًا. شيءٌ عظيمٌ وخسارةٌ فادحةٌ في حقِّ المسلمين، كيف لا وحُرْمةُ المسلم عندَ الله أعظمُ من حُرمةِ الكعبة، ولكنَّ فردًا من المسلمين يُقتَلُ لتَحيا به أُمةٌ من الناس نصرٌ عظيم، ومكسبٌ للإسلام والمسلمين، وفي صحيح مسلم: أن الغلامَ المؤمنَ قُتِلَ باسمِ الله ربِّ الغلام فآمن الناسُ قائلين: آمنَّا بربِّ الغلام، آمنَّا بربِّ الغلام، آمنَّا بربِّ الغلام .. وإن خُدَّت لهم الأخاديدُ وأُحرِقوا (١).
وإن قطرةَ دمٍ تنزفُ من جريحٍ مسلم أمرٌ مزعجٌ لنا معشرَ المسلمين، وهي خسارةٌ ونقصٌ في مخزونِ الدماءِ المسلِمة .. ولكنْ سَرَيانُ دمِ العِزّة والكرامةِ والرحمةِ والنُّصرة في عروقِ آخرين من المسلمين وربما غيرَ المسلمين فذاك نصرٌ كبير، وتعويضٌ عظيم.
٦ - عبادَ اللهِ والأحداثُ الواقعةُ فرصةٌ لتوحيدِ الصفِّ الإسلاميِّ العربيِّ والأعجميِّ، الأسودِ والأبيض .. ذلكم أنَّ الهجمةَ على الإسلام والمسلمين مستنكَرةً من قِبَلِ الجميع .. وإنِ اختلفوا في أساليبِ التعبير أو أسرَّ بعضُهم وجهرَ آخرون .. وهذا الاستنكارُ فرصةٌ لمزيدِ جمعِ الكلمة وتوحيدِ القُوى - وهي الأمرُ المهمُّ الذي يَغيبُ في واقعِ المسلمين - حيث الفُرْقةُ والخصومةُ